هذه كلمة مستنبطة من لغتنا العربية الجميلة، القادرة على استيعاب ما يدور في الأرض، لأنها عبّرت عن أفكار السماء من قبل، ولديها القدرة الفائقة على التعبير عن الأفكار والمستجدات المعاصرة بتنواعتها.
وهي على وزن متاريس أو عتاريس وأفاعيل.
والأسائيس كلمة مشتقة من مزج الأسى بالسياسة.
والمقصود بها أولئك الذين يحسبون أنفسهم (ساسة) ويجلبون على شعوبهم وأوطانهم الأسى والمآسي والويلات.
وهم لا يفعلون بل يتفاعلون مع غلوان الرغبات الظلامية.
وإن فعلوا فإنهم لا يأتون بفعل يرتبط بفاعل وإنما بفِعلة، وبين الفعل والفِعلة مسافات أوجاع وآلام.
ولهذا فهم أسائيس.
والأسائيسي هو الذي يصاب بالعمى الشامل والأنانية المقيتة والانغلاق الظلامي.
فلا يرى ولا يسمع ولا ينطق إلا بما توحي إليه ظلاميته، وأنانيته وأناه المتسرطنة المتكرسنة في مستنقع الكرسي، منتظرة وقت موتها وتعفنها وتفسخها المهين.
الأسائيسي لا يرحم نفسه ولا البشر من حوله، ولا يمكنه أن يعبّر عن مشاعرهم وأحاسيسهم وحاجاتهم وأهدافهم، بل يختصره بضرورات تحويله إلى فرعون، أو طاغوت كرسوي يحقق إشباعا لئيما لحاجاته النفسية العليلة، والمتفاقمة في استشرائها وتطورها المَرضي إلى حد الفجيعة السرطانية، التي لا ينفع معها الكي بالنار والإشعاع والمواد الكيماوية.
هذا السرطان السياسي، يأكل الحاضر والماضي والمستقبل، ويُهلك الأجيال ويدمي قلب الوجود البشري، ويذهب به إلى أنفاق الفناء الجماعي.
الأسائيسي لا يمتلك قدرة على توفير أسباب المحبة والفرح والحياة الطيبة.
وهو ينظر إلى نصف القدح الفارغ، ونصف الأرض المظلم، ولا يريد أن يرى الشمس أو التعرف على دورات القمر وتغيراته، لأنه يحسبه بدرا دائما وثابتا مثله.
فلا يقر بحقيقة التغير والتبدل وآيات الصيرورة الكونية والأرضية المتفاعلة، ولا يفهم شيئا خارج حدود ذاته، وأبعد من قوائم الكرسي الذي صار بالنسبة له موضوع حياة أو موت، فلا حياة من غير الكرسي، وليكن الموت من حصة كل مَن لا يرى غير ذلك.
والأسائيس هم سبب ما يجري على الأرض من مآسي، وما تعانيه الشعوب من قهر وخوف ورعب، وعوز وبطالة وجوع ومرض وحيرة وخراب.
فهم يريدون كل شيء لهم، وعلى حساب حياة الآخرين وحقوقهم وأمنهم وأمانيهم.
ولكي يحقق الشعب حياته ويساهم في مسيرة الوجود الأرضي، لا بد له من معرفة الأسائيس وتحجيم دورهم، وضبط سلوكهم بقوانين نابعة من حاجاته وضرورات الوطن ومصلحة المواطنة.
وإلا فإنهم يعيثون في الأرض فسادا وتجبّرا، ويملؤونها دموعا ودماءا وموتا وبؤسا ما بعده بؤس.
وهم أعداء أنفسهم وأعداء الحياة.
واقرأ أيضاً:
عيون اللحظة / العالم السكران!! / الإبداع الديمقراطي / العقل الوطني المعصوب