وصية الشهيد مابعد الأخيرة

قُلْ إنّما أنا صاحبُ الموتِ القديمُ ..
 يدايَ لم تخترْهُ عن عمدٍ،
 ولكنّي وُلدتُ 
 على يدِ الجرحِ الفلسطينيّ في المستشفياتِ،
 ولم تقلْ عني إذاعاتُ العدوّ :
 " فريسةٌ أخرى ستدركُها بنادِقُنا الحديثةُ "
 للبنادقِ أن تُصوَّبَ نحوَ رأسي ..
 لن أموتَ كما يريدُ الآخرونَ.
 
 سأدخلُ عالمي الأحلى،
 مسالمةً وواثقةً خطايَ ..
 من الهوى / البلدِ الذي أحيا بخيمتِهِ،
 
 بخيمتِه يُصلي الأنبياءُ،
 الأنبياءُ يُكلِّمون اللهَ يومياً ..
 لكي لا يرسلَ الموتَ الجماعيَّ 
 الذي سيقولُ عنهُ عدوُّنا : 
 " هذا هو النصرُ المبين " 
 
 قُلْ للألى قالوا : انتصَرْنا
 ما انتصرتُمْ ..
 ما انتصرتُمْ حين قلتُ لأميَ المسكينةِ : 
 احتضِنِي حفيدتَكِ الصغيرةَ جيّداً، 
 وإذا رأيتِ عدوَّنا .. 
 قولي له : 
 
 البنتُ الملاكُ على سجيّتِها، 
 ولم تؤمنْ 
 بقوةِ بندقيتِكَ الحديثةِ بعدُ، 
 فاترُكها يصاحبْها اليمامُ 
 على الطريقِ إلى السماءِ، 
 اترُكْ أناملَها الرقيقةَ لليمامِ، 
 
 اترُكْ يمامتَها الصغيرةَ ..
 كي تطيرَ ضفائرُ البنتِ الجميلةُ 
 مع حلولِ مواسمِ الحبّ 
 التي سيموتُ فيها العاشقونَ بغزّةٍ 
 لا يحملونَ على أياديهم 
 سوى حجرٍ صغيرٍ ..
 يحفظُ الألوانَ من جندِ العدوِّ، 
 ومصحفٍ كي يحفظَ الألوانَ 
 من جندِ العدوِّ ،
 
 وأيُّها الجنديُّ ..
 أنتَ تقولُ لابنِكَ : 
 عِشْ عدوّاً للعدوِّ
 لمَ العداوةُ ؟ .. ما العداوةُ ؟
 سلْ صغيرَكَ : منْ عدوُّكَ ؟
 لن يقولَ : 
 عقيدةٌ أخرى 
 ولا لغةٌ ولا لونٌ غريبانِ
 
 أما أنا فأقولُ لابني : 
 منُ لهُ طفلٌ جميلٌ مثلُ طفلي ؟
 - هل له وطنٌ جميلٌ يا أبي ؟
 أبداً لهُ وطنٌ جميلٌ يا بُنيَّ، 
 فكُنْ كبيراً حينَ تُسأَلُ 
 "ما بلادُكَ ؟" 
 
 قُلْ بما أوتيتَ من لغةٍ مقدَّسةٍ : 
 فلسطينُ ..
 فلسطينُ المسيحُ ببيتِ لحمٍ،
 حينَ قالَ الله للعذراءِ :
 كوني أمَّ طفلٍ 
 سوف يُرفعُ بعدَ حين، 
 
 قُل بما أوتيتَ من لغةٍ مقدسةٍ : 
 فلسطينُ، 
 فلسطينُ النبيُّ برحلةٍ قُدسِيّةٍ 
 من مسجدي الأقصى إلى المعنى، 
 فلسطينُ الرسالاتُ المقدسةُ التي 
 ألفا خريفٍ 
 يشطبُ التاريخُ صفحتَها الأخيرةَ 
 كي يُدوِّنَ صفحةً أخرى، 
 وصفحتُها الأخيرةُ 
 لن تُطيلَ مقامها 
 في آخرِ الحدّوتةِ السوداءِ، 
 أينَ هي النهايةُ ؟
 يا إلهي ما عهِدْناكَ البعيدَ عن الطريقةِ 
 في كتابةِ ذلكَ النصرِ الذي 
 تأتي بِهِ كلُّ النهاياتِ الخبيئةِ
 يا إلهي .. ما النهاية ؟
 
 ............................................
 كتبت القصيدة أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة / يناير 2009
 ---------------
 أيمن ثابت
 
  واقرأ أيضا:
 أودعكم / اختصارات / مبعثرات تبحث عن وطن / ضحكة بايشة / إيناس / قل هو الموت / لك كل العتبى