هناك اتجاه عام قديم للترويج عبر طرق ووسائل عديدة للانتقاص والسخرية من حق المرأة في تطليق نفسها، ادعى الرافضون لهذا الحق أنه شيء مخالف للشرع وخارج عن المألوف والعادات والتقاليد وأسموه زورا - العصمة في يد المرأة - وصوروه على أنه انتزاع لحق الزوج في التطليق ومنح الزوجة فقط هذا الحق. كثير من المسلسلات والأفلام روجت لهذه الكذبة حتى أصبح هذا الحق منسياً تماماً ومستنكراً ولا يجرؤ أحد على طرحه وقت عقد القِران. وصوروا المرأة التي تملك حق تطليق نفسها كامرأة - مفترية - والزوج الذي يقبل مثل هذا الشرط -مش راجل-.
الحقيقة هي أن هذا الحق يكفله الشرع والقانون وهو يعطي المرأة حق تطليق نفسها طلقة واحدة فقط مع احتفاظ الزوج بحقه أيضاً في التطليق ثلاث طلقات - أو اثنتين في حال استخدام الزوجة للطلقة -. كثير من أفراد المجتمع -المتدين بطبعه - يرفضون إضافة هذا الشرط في عقود الزواج، ولا أدري لم لا يكتب كجزء ثابت في العقد إن شاءت الزوجة استخدامه استخدمته وإن لم تشأ فلا ضرر من وجوده.
سمعت ورأيت أزواجاً يرفضون كتابة هذه النقطة في العقد ويرونها انتقاصاً من رجولتهم وأنا الحقيقة أرى العكس تماماً، فبنفس المنطق الذكوري لماذا تقبل أنت كذكر أن تبقى مع زوجة لا ترغب في البقاء معك! من «الرجولة» ألا تقبل فَرض نفسك على أحد وأن لا تغصب زوجتك على الاستمرار في الحياة معك إذا لم تكن هي راغبة في ذلك .. قبولك بممارستها لحقها يؤكد حسن نيتك في أنك لن تبقيها رغماً عن إرادتها.
رأيت أيضا آباء يرفضون منح بناتهم هذا الحق آخذاً صف الذكر الآخر وكأن شرطاً مثل هذا يمثل تهديداً لجنس الرجال كله! ويرجعون أسباب الرفض إلى أن المرأة عاطفية وعصبية وقد تتسرع وتستخدم هذا الحق فتكون النتيجة خراب البيت!
أندهش جداً من هذا المنطق! فتعميم صفات محددة على جنس دون آخر وكأن المسألة جينية أو لها أي أسس علمية هو شيء مريب! فهذه الصفات هي صفات إنسانية عامة لا يستأثر بها جنس دون آخر، لكن يوجد أشخاص بهم هذه الصفات بغض النظر عن جنسهم. وكيف يرفض - المتدين بطبعه - حقاً منحه الله للمرأة مدعياً بالكذب أن هذا مخالف للشرع لأن المرأة «ناقصة عقل ودين»!
لا علاقة لهذا الشرط بالثقة في الطرف الآخر أو بقدر المحبة والتفاهم فهل معنى أن الزوج يملك حق الطلاق أنه لا يحب زوجته أو لا يحترمها! أو لا يثق بها؟! هذا بخلاف أن الناس تتغير والظروف تتغير والقلوب تتغير. الموضوع ببساطة هو أن حق تطليق الزوجة لنفسها طلقة واحدة هو حق، شرعاً وقانوناً حق، ويلزم على من يعلم أن يخبر من لا يعلم خاصة القائم على كتابة العقد من واجبه إعلام الزوجة بحقوقها وترك حرية الاختيار لها، إن شاءت حرمان نفسها من هذا الحق فهو أمر يخصها وحدها.
لو علمت الكثير من الزوجات وجود هذا الحق لوفر هذا الكثير من المشاكل والاضطرار لدخول المحاكم ورفع قضايا خلع أو طلاق ومماطلة وتكاليف مادية كبيرة، سطر واحد فقط يضاف إلى العقد قد يغير مصير أشياء كثيرة إلى الأفضل.
إضافة أخيرة .. الصيغة في حال تطليق المرأة لنفسها من زوجها هي «طلقت نفسي منك» وليست كما يشاع تقف المرأة واضعة يدها في خصرها صارخة في وجه الرجل - انت طالق - فلا داعي للذعر عزيزي الرجل الرافض لممارسة المرأة جزءاً من حقوقها - نسبياً فهي طلقة واحدة - ما زلت تحتفظ تماماً وحيداً بحقك في تطليق الزوجة فهي لا تملك تطليقك كل ما في الأمر أنها تستطيع -تطليق نفسها منك-.
واقرأ أيضا:
يوميات زوجة مغتاظة : - في حلم مزعج / فن إدارة الخلافات الزوجية / في الحياة الزوجية.. هكذا يخطئ الرجال / كيف تعاملين زوجك / الصمت الزوجي