ساقتني صدفة سيئة لمشاهدة بعض البرامج التي يجلس فيها أحد الشيوخ لتلقي استفسارات المشاهدين فيما يخص أمور دينهم، أغلب المتصلات كن سيدات، وكانت أغلب الأسئلة كالتالي:
-يا فضيلة الشيخ هل من الممكن أن أصلي وعلى أصابعي بقايا طلاء الأظافر؟
لم أفهم لم استعصى عليها إزالة بقايا الطلاء في الحقيقة بدلاً من الاتصال ببرنامج لسؤاله.
-زوجي يطلب مني القيام بعملية جراحية لاستعادة عذريتي، ما رأي الدين؟
-زوجي يطلب مني أشياء أخجل من فعلها، سألها الشيخ هل يطلب حراما؟ قالت لا فرد الشيخ إذا أنتِ من يقرر ماذا تريدين وعلى ماذا توافقين يا بنتي وليس أنا.
الحقيقة أن الشيخ هنا بعد عدة أسئلة من هذا النوع لم يكن سعيداً أبداً وعلق قائلاً ما هذا يا جماعة ألا يوجد شيء أهم عن الدين لتسألوا فيه؟!
متصلة أخرى: أنا محجبة وأذهب إلى مصفف شعر عنده قسم محجبات، أقص شعري بواسطة سيدة في غرفة منفصلة ولكني لاحظت أنه بعد قص الشعر يقومون بكنس الشعر من على الأرض إلى الخارج حيث يوجد رجال فهل عليّ إثم حين يرى الرجال شعري المقصوص!
- إذا كان هذا الأمر مهماً أو يؤرق المتصلة إلى هذا الحد فلمَ لا تغير المصفف أو تقوم -بلم- شعرها بنفسها من على الأرض مثلا! لماذا تنتظر رأي شيخ في شعرها المقصوص ما دام هناك حلول بسيطة وسهلة لشيء يشغلها!
سيدة تشكو من حماتها والشيخ يرد فتعيد الشكوى، لأن رد الشيخ لم يأتِ على هواها فيعيد الشيخ رده فتعطينا تفاصيل أكثر عن معاملة الحماة السيئة لها وكيف تتعمد إغاظتها فيرد الشيخ مرة أخرى فتستمر في الشكوى! لم يخبرها أحد أنها تحتاج لصديقة -تفضفض- معها وليس لشيخ على قناة تليفزيونية!
فتاة متصلة تقول: أنا محجبة ولكني غير ملتزمة بالزي الشرعي فأنا ألبس الضيق والملون وأضع المكياج فهل من الأفضل يا فضيلة الشيخ أن أترك الحجاب! لن أذكر رد الشيخ ولكن فعلاً بماذا تفكر وهي تسأل هذا السؤال؟! ما الرد الذي تتوقعه من شيخ؟
هذا غيض من فيض لنوعية الأسئلة التي ترد للشيوخ على القنوات، الحقيقة أني شعرت بالشفقة عليهم، على السائل والمسؤول، ما هذا؟! بغض النظر عن رأيي الشخصي في الفكرة بأكملها ولكن هل هذا حقيقي؟ هل تسيطر السفاسف إلى هذا الحد على حياة الناس؟ لوهلة تصورت أن المتصلين يتصلون فقط رغبة منهم في الحديث عبر البرنامج دون أن يكون لديهم أي استفسار أصلاً، وعلى عبثية هذا التفسير بدا لي أكثر منطقية من ما تم طرحه.
بالتوازي يحدث حولنا فتاة تم رجمها لأنها زنت - دون أن نفهم هل قامت بهذا الفعل وحدها حتى تعاقب عليه وحدها – وريحانة.. فتاة أخرى أعدمت لأنها قتلت شخصاً حاول اغتصابها ولم يسأل أحد المتصلين ماحكم الدين فيما حدث؟؟!
لم أسمع سؤالاً يخص وجهة نظر الدين في كيفية تربية أطفال أسوياء صالحين لا يكرهون المختلف وفي قلوبهم رحمة محبين للعدل والحق .. لم أسمع سؤالاً عن حكم السكوت عن الظلم، عن أهمية العطاء!
كانت صدفة سيئة كما ذكرت في أول المقال ولا أنوي تكرارها حفاظاً مني على سلامة مرارتي ولكني حقاً مندهشة مما يشغل هذا القطاع من البشر .. قطاع المتصلين ببرامج اسأل والشيخ يجيب!
ولا أعلم أين المشكلة تحديداً ولا كيف يمكن حلها لأني واثقة أن المتصلات لديهن مشاكل أكبر وأعمق بكثير مما يستفسرن عنه في التعليم والوظيفة والسكن والعلاج والظلم ومتاعب الحياة اليومية فكيف استطعن تجاهل كل ما يحدث لهن شخصياً وصرفن تركيزهن إلى بقايا طلاء أظافر؟؟!!
واقرأ أيضا:
عن الأمّيـة والثقافة الإعلامية الكلامية الاستقطابية / الأديان الجديدة في مواجهة الإيمان المعرفي / دعوة للإعلام لإعادة النظر، وتحمل المسؤولية / ماذا فعل الإعلام بالمرأة؟