بين الحلال والحرام ... الزنا مشاركة !
هذا ما يفاقم الوضع الذي نحن به, التجاهل والإنكار والكذب على الذات وإشغال دور الحَكم باستمرار والتعالي, هذا الخليط غير السوي ينتج حالة النفاق العامة والمزرية والاتجاه إلى القاع بتهور منقطع النظير بدون البحث عن الحلول لأننا مصرين أيما إصرار أننا خلقنا ملائكة والخاطئون لهم جهنم وبئس المصير وانتهى, واللي عنده كلام تاني مش حنسمعه. هذا الخليط الذي عايشته أنا نفسي كمدعية ومتهمة لاحقا, وتأتي هذه المشاركة لتوضيح التعليق الذي كتب على مشاركتي السابقة وليس لسبب شخصي على الإطلاق.
فمن الأسهل بكثير توزيع التهم الأخلاقية والإجابة بنعم أو لا بدلا من بحث الوضع الحقيقي النفسي والعاطفي والاجتماعي وما يؤول إليه الدين والإيمان نهاية إذا كنا نعرف أصلا ما هو الإيمان وما هي مقاصد الشريعة، لكننا مصرين جميعا أن بداخل كل منا أبو حنيفة صغير يفتي بالصغيرة والكبيرة وكأن الشخص الذي يقدم على الخطيئة والذي هو أنا بهذه الحالة كان يعيش عال العال ولا ينقصه شيء ويجلس مسترخيا راضيا مشبعا على بلكونة تطل على البحر ويحتسي الكوكتيل عندما قرر بلحظة صفاء فكري أن يضرب كل سنين حياته السابقة وإيمانه الذي اجتهد عليه بقدر ما يستطيع وقرر أن ينحرف هكذا ببساطة .. مزاجي كده كما يقول إخواننا المصريون وفي النهاية نتساءل لم نحن منافقون؟ لأننا لا نقبل الحقيقة ولا نريد أن نعترف بما نحن ولا نريد إلا أن ننتقد الآخرين وكل شخص فينا يعرف أن أخلاقه مصطنعة يقيمها على أنقاض سقوط الآخرين لا أكثر لا من أجل ذاته أو من أجل الله, فقط انظر إلى معظم شبابنا وبناتنا في خلواتهم.
هذه الجزء النظري الذي لا يرتقي في مستوى تفكيرنا إلى ما نعيشه على أرض الواقع وبين هذا وذاك ينتج الفصام الاجتماعي إذا صح تسميته هكذا, لا تستوي الطاهرة والفاجرة, ما أسهل الأقوال!! وما أبدعني من كاتبة إذا اجتهدت لكنني فضلت أن أحاسب نفسي وأفهمها لأفيد وأستفيد بدلا من الأقوال الممضوغة حد القرف.
أما جزء الخطيئة والغفران فمن يحدده, نحب أن ندخل الناس الجنة والنار كما نحب وننسى فضل الله الواسع وعلمه بما لا يعلم غيره عن عباده وإن خيرتني فكلا, لن أدفع أي ولا حتى مليم واحد لأستوي مع أي أحد ولا يهمني حتى ذلك ولا يهم المجتمع الفاضل ذلك, لقد عاقبني المجتمع من قبل على ذنوب لم أرتكبها بالفعل, لقد انتهت الكثير من الخطوبات التقليدية لي فقط لأن مدخل المنزل لم يعجب أهل العريس وطقم الكنب ليس بالفخامة اللازمة, لم يسأل أحد عني أو عن نفسي ومن أنا من الداخل, لم يهتم أحد بأخلاقي ولم تعتبر يوما ميزة لي عندما كنت طاهرة إذا صح القول, وعندما قررت أن أقترب أكثر عن كثب لأحظى بفهم أفضل وأكون ممن يعتبرون نخبة المجتمع صدمت أن العمق غير موجود على الإطلاق على الأقل مع جميع المجتمعات التي عايشتها, كنت قد قلت مسبقا أن دورا فاعلا لي ببعض الجماعات المتدينة ولم يكن ذلك إلا خالصا لوجه الله لكن الحياة تتقاطع بأكثر من محور, ولأن إخواننا المتدينين قد غضوا أنفسهم عن الحرام قدر ما استطاعوا فهاهم يركزون على كل شيء ظاهري باعتبار أن الخسائر لاحقا ستكون أقل ويتزوجون من لا تعتبر اجتماعيا ودينيا مناسبة لهم من ناحية لبس وتفكير عائلي مثلا وهو سيهديها لاحقا وكأن الفتيات بالمجتمعات المغلقة لسن نساء أصلا ولا أملك إلا أن أتساءل ماذا يجمع فلان بعلان؟ فأجيب نفسي ولله في خلقه شئون.
أضيف تجربة أخرى أن شخصا ما خطبني متدين وأكبر مني ب 11 عام ومطلق ولديه ابنة وهذا قدره ونصيبه لكن عندما سألته عن سبب الطلاق كأن أنها ليست من ثوبه وها قد قضى وطره وجرب "الأخريات" وأصبحت الفتاة التي مثلي هي الخيار الثاني بعد أن يأخذ أخينا فرصته وغيره ممن تقدم لفتاة ذات مستوى راقي رغم أن أهلها شيوعيين وآخر يريد الشكل الجميل رغم أن أبوها نصاب ورد سجون ويعيشون على الربا!!
أقف أنا هاهنا حائرة ولا عزاء للسيدات, الأخلاق لا تهم أحدا إلا ما يحتسبه الله لنا في ميزان حسناته فإن ابتغيت سابقا أو أبغي شيئا من الآن فصاعدا فهو الله فقط بحسناتي وآثامي وليحترق الجميع, لأنه هنا في هذه الدنيا سأقول لكم ماذا تفعل فتاة عازبة تعدت الثلاثين بالأخلاق, فالوصف العبقري في الإفادة بما يمكن الاستفادة منه يختصر ذلك: انقعيها واشربي مايتها .. لأنه لو ألقيت حتى في سلة المهملات فهي غير صالحة للتدوير مع تقدم العمر.
أريد أن أدخل الجنة بالطبع كما يريد الجميع ولكن هل هذا يعني أن أقتل بحسرة وحرمان متواصل؟ هل هذا هو العدل؟ وهل هذه الطريق الشائكة فقط هي الجنة؟ لقد تساءلت وأكملت هذا التساؤل ببحث متواصل وجاد حتى مع بعض علماء الدين لأعرف أين هو الله, نعم لقد شككت أحيانا كثيرة بوجوده وعدله ولم أجد جوابا شافيا, ألم يكن معي الله يرى ويسمع في الأعوام الماضية أيترك كل هذا ويحاسبني على خطيئة واحدة, هل يجتمع ذلك مع العدل؟ لا أعرف ولكنني لا أظن ولا أظن حتى أنني سوية نفسيا ليحكم علي أحد أو أحكم أنا على نفسي, إنني والله أتساءل لم انتظرت هذه الفترة أساسا, أليس هذا هو الإيمان؟
لا أريد أن أقدس روحي وجسدي ولا أريد أن أكون غيمة طاهرة في القصص الخرافية ولا أن أذكر في قصص السلف الصالح ولست متصوفة، ما أنا إلا إنسان يشعر ويحس ويفكر ويحتاج ويريد من الدنيا بقدر ما يريد من الآخرة وربما أكثر ويكفيني شرف المحاولة.
هذا فقط جزء صغير أما عدم الإشباع الروحي والعاطفي وتساؤلي المستمر أن هذه الزيجات على ماذا تقوم حقا؟ ابن أختي _المهندس في السعودية_ يبحث عن عروس بالطريقة التقليدية طبعا وأول ما يهتم به هو وأمه عمل والدها ومنزل أهلها ولو لم تكن أختي لصمت لكن حمام منزلهم عاش سنيناً بدون قفل للباب ويجب على من يدخل الحمام أن يغلقه بيده طوال الوقت ولغاية الآن لم يسددوا ديون تعليم الأولاد, أليست السخرية بعينها؟ ها هو يمضي أيامه وحيدا هو الآخر لكن باختياره_ باعتباره شاب وليس فتاة_ وأصبح يتردد على بعض النوادي الليلية ويشاهد الراقصات ويصلي الفجر في نفس الوقت حاضرا!
أختي الأخرى التي تصر على ذهاب أبنائها لدروس تحفيظ القرآن لتجعل منهم أفضل كما تقول تبدي رأيها بزميل لي باعتباره فرصة زواج _دكتور مهندس_ ولكنه صارحني أنه يشرب الكحول بقولها مش مشكلة يمكن يكون منيح, فالدكتور ذنبه مغفور والتجارة بشهادته وبريستيجه لن تبور, قبل كتابتي هذه الرسالة لكم بأيام أصررت بشدة على أن أقابل شخصا ألمانياً يدير مؤسسة كبيرة في بلدي_ وأنا من الأردن وإن كانت مصر وطني الذي لم أزره بعد_ ووافق بسهولة رغم استغرابي وانشغاله, حدثني ببساطة وكأنني ابنته وعندما سألته عن هذا التبسط أجابني أننا كعرب عندما نترفع قليلا في العمل نفقد القدرة على التواصل الإنساني ويصيبنا الغرور وأنه اضطر أن يعيد تعليم 200 موظف كيف يتكلمون مع من هم أقل منهم درجة من جديد.
من نحن بحق الجحيم؟ أريد أن أعرف حقا من نحن؟
نعم, الرجل ليس كل شيء إنني الآن وبعد تجاربي الخاصة وتعاملي مع الرجال لا أستطيع أن أعتبر الرجل شيئا واحدا فكيف سأعتبره كل شيء, ولو أنني أملك الخيار فلن أتزوج أبدا, لا أريد أن يتم قياسي حسب صينية التقديم والسجاد العجمي, لكن هل من حل آخر؟
أضرب كل هذا الغرور والنفاق والكذب وجمل أحلام مستغانمي المبتذلة المنسوخة على صفحات الفيس بوك وشعر نذار قباني والوحدة الداخلية والتدين الظاهري والذهاب إلى العمرة كل عام بقروض بنكية وهوسنا المرضي بالألقاب والمناصب وعدم قبولنا لأنفسنا أولا ومن ثم لمن هم حولنا وعجزنا عن التواصل الإنساني ليخرج لك أشخاص يرقصون بهوس على أغنية بحبك يا حمار في حفل زفاف بفندق خمس نجوم.
هذا الجزء الأول أما الجزء الثاني الذي أود المشاركة به هو التعليق على رد الدكتور سداد التميمي مشكورا, ما زلت أبحث عن معنى حضاري خاص بشخصي ووجودي ويحل عقدي الإنسانية ويكون كافيا ليشعرني بالاطمئنان والراحة, لقد حاولت صياغة ذلك بالإطار الديني لكنني لم أشعر بأن هذه الإجابات كافية فهي في النهاية مختلطة وغير مفهومة حتى بالنسبة للذين يعتنقونها أو مفهومة كوعي يناسبهم أو حلت عقدهم ومشاكلهم هم بالذات، أي أن بعض الإيمان أيضا قائم على المصلحة وما حد أحسن من حد, وقد رأيت الكثير من الشباب يتجه من التدين إلى الإلحاد وهم بالنسبة لي أعلى درجة وأعمق فكرا ممن ولد ونشأ بدون تربية دينية أصلا وبدلا من إصدار الأحكام فالأفضل البحث في الخطاب الديني وفهمه للواقع الحالي.
حاولت وحاولت أن أفهم نفسي وبربط تعليق الدكتور على ما حدث معي بأنني لا أتحمل كثافة المشاعر فهذا صحيح تماما, في نهاية مراهقتي كان هناك شاب يحبني وكلما كلمني أو حاول التقرب مني بعواطف جياشة كنت أختنق ومن ثم أستفرغ ولا أستطيع الكلام, وربما جرأتي بإقامة علاقة والهدوء النفسي الذي حصل لي بعدها هو قدرتي على كسر هذا حاجز رعب الاقتراب من الآخرين وإطلاق العنان للمشاعر والسماح لنفسي بأن أحب وأقدم الحب, كانت تجربة صعبة.
وربما يجتبينا الله من حيث لا نعلم ورب حسنة تدخل صاحبها النار ورب سيئة تدخل صاحبها الجنة وإلى الله طرائق بعدد نفوس الخلائق ومن ابتغى غير الله حكما فقد ظلم نفسه, وقد أشعرني بالتفاؤل والسعادة وصف الدكتور لمريم المجدلية ولم أكن أعرف قصتها من قبل وقد وصفتني فنانة مصرية قبل سنوات أن شكلي يشبه تمثال السيدة مريم العذراء, وبين هذا وذاك والخطيئة والفضيلة والذنب والغفران والعقاب لا أملك إلا أن أقول اللهم ردني إليك ردا جميلا.
ويتبع >>>>>: بين الحلال والحرام ... مشاركة في الزنا!
واقرأ أيضًا :
نفسجنسي PsychoSexual: المُخَيلة الجنسية المشوهة / نفس اجتماعي: انتظار شريك الحياة / نفس اجتماعي: كبت جنسي Sexual Restraints / مأساة الشاب العربي والخيمة الإسلامية