ممثلة معروفة كانت تتحدث في حفل تكريمي لعدد من الفنانين، وتكلمت باللغة الإنكليزية بلسان عربي وبصعوبات لفظية واضحة، فتناولتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تهزأ من عدم قدرتها على القراءة الصحيحة باللغة الإنكليزية!! فهل هذا تعبير عن فقداننا لغيرتنا على لغتنا، واستبدالنا لها بالغيرة على اللغة الإنكليزية؟
لماذا لا نهزأ من الناطقين بالعربية في وسائل الإعلام بأنواعهم، وتباين مواقعهم وأدوارهم السياسية والاجتماعية، عندما لا يستطيعون الكلام بلغة عربية منضبطة وسليمة، فتراهم يرطنون؟ لماذا نتجاهل ذلك، ونترقب العربي عندما يتعثر بلغة أجنبية؟!!
الممثلة لم ترتكب خطأً، وإنما لسان حالها قال بأن لغتها العربية، وأنها حاولت القراءة بغير لغتها، ولسانها العربي!! فلن ولن تجد ناطقا واحدا بالإنكليزية يهزأ من ممثل أو مسؤول، لو قرأ بالعربية وتعثر وارتبك، وما نطق الكلمات بسلامة ووضوح، بل سيعجبون به لأنه حاول ذلك، وبعضهم ربما سيغضب منه لأن عليه أن يعتز بلغته ولا يتكلم سواها!! فأين نحن في هذا العالم؟! هل نهين أنفسنا وننكر لغتنا، ونلعن عروبتنا؟!
إنها أمثلة تتكرر في واقعنا الإعلامي بسذاجة ولا دراسة أو تقدير، ونحسب ذلك نوع من المرح والإعلام الترفيهي المضحك، وننكر بأننا نضحك على أنفسنا ونزعزع أركان وجودنا!! وهي تقدم دليلا على تلاشي الغيرة اللغوية، وفقدان الاعتزاز بلغة الضاد والنفور منها والتحدث بلغات غيرها، وكأن في ذلك حضارة ومعاصرة، وما هو إلا سلوك انقراضي إتلافي مرير!! فالأمم بلغاتها وبقدراتها على تطويرها ومدها بطاقات التفاعل مع عصرها، فليس صحيحا أن اللغات غير قادرة على المواكبة، وإنما الصحيح أن أهل أي لغة يتحملون مسئولية ضعف وقوة لغتهم، فلا عيب في أية لغة وإنما في أهل اللغة!!
تحية للمثلة التي تعثرت في القراءة بلغة غير العربية، وأتمنى أن تقدم مَثلا يُحتذى به في الحرص على سلامة اللغة العربية، وأن تتحدث بلسان عربي سليم، إنها فرصتها ومسئوليتها التي عليها أن تتحملها، فتساهم في رفع راية لغة الضاد الخالدة!!
واقرأ أيضاً:
هجرنا وهاجرنا!! / جدار برلين ينادينا؟!! / معا وسوياً!! / الأوطان موجودات أرضية لا كيانات سياسية