تساءلت هل يمكن للمصريين شق نهرٍ جديد يتوازى مع نهر النيل ويعاكسه في الاتجاه، كما تفعل الصين في صناعة نهر طوله 800 ميل يوازي ويعاكس نهر اليانغتسي الذي طوله 3915 ميل؟؟
ونهر النيل من أطول أنهار العالم فطوله 4258 ميل ويمر بأحد عشر دولة أفريقية، فهو نهر عالمي الطباع وحضاري السلوك والتطلعات خصوصا في بلاد مصر العربية. وحضارات واديه قديمة ومعروفة في الدنيا، ولها تأثيراتها المعرفية والفكرية على مسيرة الأجيال البشرية كافة. ومعظم مياهه تذهب هدرا في البحر الأبيض المتوسط ، وتعاني مصر من الصحارى وشحة المياه، وقد بدأت بحفر قناة سويس جديدة، وإذا امتلكت تلك الإمكانيات فإن لديها القدرات الوطنية الكفيلة بشق نهر جديد، يعيد جريان مياه النيل من الشمال إلى الجنوب وكما تفعل الصين اليوم، ويمكن الاستفادة من تجربتها في صناعة الأنهار.
ففكرة الاستثمار بالمياه قديمة وتمرّست بها العديد من الدول، وكانت الدولة العباسية ذات باع طويل في بناء القنوات وشق الأنهار للاستفادة من مياه النهرين.
وفي مصر لم يتحقق استثمار جاد في مياه النيل بعد السد العالي وبحيرة ناصر، التي ربما لم تستخدم بكل طاقاتها وقدراتها حسب ما يبدو للزائر لها، ومن الضرورة والمعاصرة أن يتغير تفكير الخزانات والبحيرات إلى رؤية جديدة تتلخص في شق الأنهار الموازية للنهر الأم، وصناعة حالة من دوران الماء في أرض الوطن بدلا من هدرها في البحر.
قد تبدو الفكرة غريبة لكن دولة الصين تترجمها، وتجعل نهر اليانغتسي يتواصل في جريانه وامتداده ولكن باتجاه معاكس، فتزيد من طوله وقدرات الاستثمار في مياهه وإيصالها إلى أكبر مدنها وأكثرها حاجة للمياه، وإذا الصين تفعل ذلك فلماذا لا يمكننا فعله في زمن ينذر بحرب مياه، ويشير إلى احتمالات زيادة كبيرة في مساحات الأراضي المتصحرة وتنامي الافتقار للمياه.
فالأمن المائي من ضرورات القوة والسيادة والاقتدار، لأنه يحقق الأمن الغذائي والتطور العمراني في البلاد، فلا يمكن للمدن أن تتمتع بجمالها وقيمتها إذا غابت عنها الأنهار وجفتها المياه، فالنهر هو الشريان الأبهر لأية مدينة وعنوان قوتها ومحور نشاطاتها وعطاءاتها الحضارية.
إن شق الأنهار في دولنا عليه أن يكون من أولويات المشاريع الاستثمارية، لأنه مصيري وضروري لإدامة الحياة وتواصلها وتطورها، وعلينا أن نعمل بجد واجتهاد وتحدي لتحقيق أقصى درجات الأمن المائي والغذائي في مجتمعاتنا. فهل سندرك قيمة أنهارنا وأهمية المياه لحياتنا العزيزة، وهل سننتصر على الفقر المائي العربي المدقع، وهل سنؤمن بأننا مأهلون لشق الأنهار وصيانة مياهنا من التبذير والهدر؟!!
واقرأ أيضاً:
معا وسوياً!! / الأوطان موجودات أرضية لا كيانات سياسية / الجليد والذوبان!!