بين الحلال والحرام ... الزنا مشاركة!
المجدلية والطب النفسي تعليقا على الزنا مشاركة
من عجائب المجتمعات العربية أنها تدهس الذاتية المستقلة للفرد بما تحمله من تحفيز وطموحات، ورغبة تتشوق للمعرفة والاستقلال والتحرر، ثم تعود فتوجه اللوم للإنسان مسلوب الإرادة الحرة على تقاعسه عن السعي والتجديد والنضج وتحمل المسؤولية!! الأسرة العربية بدلا من أن تكون محضن تنمية وعي، وتدريب على التعبير عن المشاعر أصبحت مساحة تعويق وتشويه، والخارج منها يحمل تشوهاته وكأنها جينات غير قابلة للتعديل، فيقضي العمر كله يندب حظه العاثر ويلوم الأسرة على النقص والفجوات والضغوط والحرمان القديم!!
صحيح أن الكثير من الآباء والأمهات غير مؤهلين للقيام بواجبات التنشئة التي هي علوم ومعارف وفنون وخبرات قابلة للتعلم والتبادل والتشاور، ولكن حلقة البؤس تكتمل مع استسلام الأبناء لما وجدوا عليه آباءهم، وما تربوا ونشأوا في إطاره ومحضنه!! ما ورثناه من جينات، وما تربينا عليه بزيادة أو نقصان هي مجرد معطيات نعمل عليها بوعي –إن شئنا– لنفهم أنفسنا، ونحقق حياة بوعي أفضل، وسلام نفسي أعمق!!
ومما نتربى عليه -من بؤس- تلك النظرة الحدية التي ننظر بها لأنفسنا وللآخرين وللحياة حيث البشر ملائكة أو شياطين، ومن ثم الارتباك في تحديد المعايير، ومن استطلاع المسارات، وطرح الأسئلة الجذرية التي نسميها -كما تفعلين- اضطرابا ونفاقا، وأخلاقا مصطنعة!! بدلا من استكشاف دواخلنا بوعي، وبحث معتقداتنا بعمق وفهم وتحليل، وبدلا من التأمل الذاتي، وفي أحوال من حولنا، نقضي العمر بين سعادة العميان حيث الحياة السهلة بعيون مغلقة، صب اللعنات على الماضي والأسرة والدين والمجتمع!!
بدلا من امتلاك نظرة نقدية تجاه التدين الشائع، وتفاصيل الأوضاع النفسية والمجتمعية نستسهل العمى، أو نستيقظ بصب اللعنات! وكما تلام الأسرة، ونحن نعلق عليها بعض آلامنا كالشماعة، يلام الله لأنه حرمنا من المتع بأنواعها وألوانها!! وهكذا نظل في معارك لا تنتهي مع طواحين هواء، وحياتنا فيها الكثير من هذا الهواء!!
حين يختار مجتمع ما أن يعيش بغباء وفي بؤس، وحين يختار إنسان ما أن يعيش بغباء وبؤس ليتسق مع محيطه فلا يحرمه من الرضا والقبول، ويظل محافظا على صورته في عيون من حوله، ومحافظا على "برستيجه" الزائف الزائل بحيث لا تتسلط عليه الألسن، ويدفن في سبيل هذه السمعة "الطيبة" إنسانيته برغباتها وضعفها واحتياجها.....إلخ. حين يتورط إنسان منا، وكثيرون يفعلون ذلك، وحين يتورط مجتمعنا في هذا الغباء، والتخلف والعفن!!
فهل نلوم الله سبحانه وتعالى على غبائنا وتخلفنا وسوء فهمنا له ولدينه، واتباعنا لكهنة يضللونا باسم الرب جل وعلا؟! نعم ... نحن نفعل، وهذا مؤسف ومزعج وبائس، ولا يصل بأصحابه إلى شيء!!! الكفر الذي تقولين أنه في قلبك هو كفر بما هو متداول وشائع بوصفه دين الله، وهو ليس سوى دين الكهنة المتسلطين على عقولنا، وفقهاء المتسلطين على رقابنا، ولو أنك أتعبت نفسك لوجدت أن دينك وربك غير هذا الذي تقولين أنه يختبرك بحرمانك كما يتوهم كثيرون غيرك!!
لم أقابلك حتى أقطع بحكم عليك أو أتسرع بتشخيص لحالتك، ونص رسالتك يكشف عن رحلة بدأت، ومسائل تتكشف لك، ومتاهات تدورين فيها، ولا بأس عندي حيث أعتقد أن التوهان هو جزء من الطريق، ولا يدوم لمن يتحرك ويتحرى ويبحث!!! فهل تواصلين رحلتك في التعلم والنضج والاستكشاف؟!
كدت أتوقف عند كل جملة، بل كل كلمة من كلماتك وأعلق عليها، لكنني تشككت في جدوى هذا ونفعه، وفي قدرتي على أن أغطي كل ما تقولين بتغطية أرضى عنها، وفي مساحة معقولة قابلة للقراءة. ما أستطيع أن أعدك به هو أنك مع استمرار بحثك في أسرار الروح, وأغوار النفس، وفلسفة الحياة، وكل ما تحبين أن تعرفي عنه أرجو أن يكون قلقك موضع بحث وتساؤل تتحركين به، وليس موضع إصدار أحكام أو بناء مواقف! لأنني حين أنظر إلى النتائج التي وصلت إليها أراها متسقة مع ما هو حولنا من ضجيج فارغ جاهل، وعلاقتها بعمق الأمور وجوهرها، ما تزال ضعيفة، وتابعينا بأخبارك.
واقرأ أيضًا :
يوميات رحاب الزواج العرفي؟ ولا الزنا؟! / كيف نعيش جنسياً؟! تقرير بناتي- مشاركة / على باب الله: التقرير / في المدارس والبيوت والمواصلات: أزمة مكان