منذ قيام دولة (إسرائيل) في العام 1048، بذلت السلطات الإسرائيلية ما بوسعها لتحويل الشخصيات الفلسطينية البارزة إلى شخصيات متعاونة معها، وعملت على تشجيعهم على إقامة أحزاب خاصة بها، استناداً إلى ما يسمّى بوثيقة الاستقلال للدولة، والتي دعت صراحةً العرب الفلسطينيين الذين بقوا داخل فلسطين، للمشاركة في بناء الدولة كأقلية قومية على أساس المواطنة الكاملة والمتساوية، وبناءً على الحفاظ على الهويّة الفلسطينية وإلى رفع مكانتها، فقد بادرت تلك الشخصيات إلى تكوين هياكل حركية وحزبية أخذت أسماءً مختلفة مثل: حزب التقدّم والعمل، الزراعة والتنمية، التكتل الديمقراطي، وغيرها، وبرغم تشكيلها، إلاّ أنها كانت بادئ الأمر بدون أيديولوجيا سياسية واضحة، أو اجتماعية متماسكة، فقد كان تركيزها على ضمان الفوائد لناخبيها كأولويه، ربما بسبب استنادها إلى التقسيمات الطائفية التي سعت الصهيونية إلى تعزيزها بين المسلمين، المسيحيين، والدروز، البدو وغيرهم، ولا يعني ذلك بالمطلق، أنّه لم تكن لديها طموحات سياسية ومساعٍ نضالية مهمّة.
بالمقابل ولمدة طويلة، لم يتم السماح لشخصيات عربية لنوال عضوية أي من الأحزاب اليهودية، وبغض النظر عن النواب الأوائل، والذين كانوا يعملون تحت العباءة الصهيونية، حتى قبل قيام الدولة مثل النائب "سيف الدين زغبي" و"أمين جرجورة"، فإن تطور الدولة ونظامها السياسي والادعاء بالديمقراطية من ناحية، ورغبة الأحزاب نفسها في تسمين مكانتها من حيث التقدم ناحية الكنيست وسدّة الحكم من ناحيةٍ أخرى، فقد تم السماح للراغبين العرب بالدخول في أطرها التنظيمية، ما داموا يبدون استعداداً كافياً للإيمان بمبادئ الأحزاب وأيديولوجيتها، التي يرغبون في نيل عضويتها.
انتخابات الكنيست ألـ 20 الحالية، أسفرت عن فوز 17 نائباً عربياً، بزيادة 5 نواب عن الانتخابات 2013 السابقة، 13 نائباً هم أعضاء القائمة العربية المشتركة، التي نشأت عن اتحاد ثلاثة أحزاب وهي: التجمع الوطني الديمقراطي، الحركة الإسلامية، والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التي يعتبر الحزب الشيوعي عمودها الفقري، مع ملاحظة أن من بينهم العضو اليهودي "دوف حنين" في المرتبة 7، والذي كان ينتمي لقائمة السلام والمساواة قبل عملية الاتحاد، وبما أننا لسنا بمعرض الحديث عن هذه القائمة، ولسببين اثنين:
الأول أن الحديث خاص بالنواب الذين يتبعون الأحزاب اليهودية، وكانوا قد فازوا بعضوية الكنيست من خلال ترتيبهم على قوائم الأحزاب التابعين لها، مع ملاحظة أن هناك كثيرين من العرب من هم في أطر الأحزاب اليهودية المختلفة، ولكنهم يتبعون درجات متأخرة في صفوفها،
والثاني: أن مبادئ القائمة واضحة، والتي تتجلى في أمرين اثنين وهما: النضال باتجاه تحقيق المساواة للمواطنين العرب، والسعي باتجاه استقلال الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، على عكس أولئك المنضوين تحت أحزاب يهودية حيث ينتهجون مبادئ الأحزاب الإسرائيليّة التابعين لها، ولا يمثلون العرب الفلسطينيين كما جاء في العنوان، كما لا يخضعون لبرامج أحزاب عربية، وإن تلاقوا معها في بعض أجزاءٍ منها، وهم:
النائب "أيوب قرّا" عن حزب الليكود اليميني، الذي يقوده رئيس الوزراء "بنيامين نتانياهو" وهو عربي درزي، من عسفيا منطقة حيفا (60 عاماً) ويشغل المرتبة 24 على قائمة الحزب، حاز رتبة رائد (في الخدمة العسكرية الاحتياطية)، وانضم للحزب منذ تأسيسه في العام 1973، وهو يؤمن بقواعد الحزب المتشددة ضد الفلسطينيين، وكان عارض خطة فك الارتباط الإسرائيلية مع قطاع غزة 2005، إلى جانب تأييده مشاريع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، وكان من المعارضين لاتفاق أوسلو، ويعتبر من صقور الليكود الذين يرغبون في تنفيذ ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية.
النائب "زهير بهلول" عن اتحاد المعسكر الصهيوني، المرتبة 17، عربي مسلم (65 عاماً) من مدينة عكا الساحلية، انضم للمعسكر حديثاً في العام 2014، بسبب إيمانه بمبادئ الحزب وثوابته ومنها: السعي إلى تسوية دائمة مع الفلسطينيين، بالاستناد إلى مبدأ حل الدولتين لشعبين، جنباً إلى جنب مع الحفاظ على الحاجات الأمنيّة لإسرائيل، والتي تشمل نزع سلاح الدولة الفلسطينية، في حتا ثبوتها، والاحتفاظ بالتجمعات الاستيطانية الكبرى والقدس كعاصمة أبديّة.
النائب "حمد عمار" في المرتبة السادسة عربي درزي، من مدينة شفاعمرو (50 عاماً) عن حزب إسرائيل بيتنا، الذي يتزعمه وزير الخارجية السابق "أفيغدور ليبرمان"، خدم في صفوف جيش الدفاع الإسرائيلي من 1982– 1986، وانضم إلى صفوف الحزب في أواخر التسعينات، حيث أبرز الحزب مواقف متشددة إزاء الفلسطينيين وأبرزها مسألة استبدال المناطق والسكان الذي دعا إليها على مدار سياساته، وضرورة استئصال حركة حماس (الإرهابية).
النائب "عيساوي فريج" المرتبة 3 عن حزب ميريتس، عربي مسلم من مدينة كفر قاسم في منطقة المثلث (52 عاماً) حاز عضوية الحزب منذ أواسط التسعينات، بناءً على مبادئ الحزب الذي ترأسه حالياً "زهافا غال أون" التي تبدي محاذير ثابتة ضد العنف، ومواقف أكثر تشدداً ضد حركات المقاومة الفلسطينية وحركة حماس تحديداً، وتدعو إلى تبني مبادرة السلام العربية، بحجة أنها استجابت لجميع الحاجات الأمنية لإسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية.
واقرأ أيضا:
حذر ما قبل انعقاد المركزي الفلسطيني!/ نتانياهو– هيرتسوغ: لُغتان ورؤية واحدة!/ حماس خارج القانون!/ خطة مهدّئة في مواجهة الكارثة!/ رخصة تهويد صامتة!