البارحة تلقيت عددا من المكالمات من أخوة أعزاء وقراء مثابرين ومتابعين، ودار الحديث في جميعها عن الكتابة. أحد الأخوة قد قرأ مقالة لي، ويطالبني بتحويلها إلى قصيدة، وهو يشيد بفكرتها.
وزميل يسائلني هل يقرؤون ما نكتب؟
قلت: علهم يقرؤون!
قال: لا تنفع الكتابة في بلدٍ صار ضَياعا وضِياعا.
وصديق آخر وهو يكتب أيضا قال: أصبحت الكتابة المعبرة عن فكرة وهدف غريبة وخارجة عن سياق التفكير السائد، فالمقالات المنشورة معظمها شتم ورجم بالغيب وتعزيز للتمزق والتفرق.
وقال لي صديق آخر: أن الكثير من المقالات مدفوعة الثمن، لأنها تريد أن تساهم في دعم أجندات ومشاريع معروفة ولكل مشروع أبواق وأقلام.
وقال لي أحد الأخوة: من الأفضل أن تتحطم الأقلام فلا قيمة ومعنى للكتابة اليوم، فالناس لا يقرؤون وإن قرؤوا لا يعتبرون ويتعلمون، فالواقع أليم والوطني كظيم!!
تأملت رؤى الأخوة والأصدقاء، وتساءلت هل على الأقلام أن تصمت؟
فالكثير من الأخوة يرون أن النشر الإليكتروني قد سمح لمن هب ودب بالكتابة، وصار كل من ينشر شيئا هنا أو هناك حسب نفسه كاتبا، فاختلطت الأشياء وتشوهت وأصبح النشر لا قيمة له ولا معنى ولا تأثير. والكثيرون لا يقرؤون إلا بضعة مقالات في مواقع الإنترنيت، لأنهم يدركون من العناوين والأسماء بأنها لا قيمة لها ولا معنى فيها.
قلت لأحد الأخوة: أن الأقلام الأصيلة يجب أن لا تندحر وتتكسر بل عليها أن تتواصل، فلن يبقى إلا ما ينفع الناس، لأن ذلك من طبيعة الحياة والتواصل والبقاء.
الأقلام الأصيلة الصادقة رغم قلتها فأنها ذات تأثير إيجابي، وأنها تنير، فبصيص الضوء يطرد جحافل الظلام.
قطرة خير تلوّن بحر سوء بروحها وإرادتها وطاقتها. فالدنيا لا يمكنها أن تكون مسرحا للشر والخراب والدمار. ولا بد للتوجهات السقيمة أن تموت، وللحياة أن تولد من جديد. فلتتواصل الأقلام الأصيلة بكتاباتها وتمضي في دروب التنوير. حتى ترعوي النفوس وتنطفئ نيران الانفعالات، ويسود العدل والحق والصدق المبين!!
واقرأ أيضاً:
صوت الكلمة!! / جمهوريات الشك!! / المثقف...هل تثقّف؟!! / الحزم العربي!!