من مفاهيمنا السلبية المدمرة لطاقات الإبداع والنماء، أننا نقرن الموت بكل شيء، فنقول: الموت من أجل الوطن، الموت في سبيل الله. أي أننا نربط ما هو رائع وجميل بالموت!! فلماذا لا نقول "الحياة من أجل الوطن" والحياة في سبيل الله؟
البذور تحلم بالحياة، والمولود يريد الحياة، فلماذا نحسب إرادة الموت هي الطاغية على سلوكنا؟
الموت نتيجة طبيعية وليس هدفا وغاية، فلماذا نضعه في موضع الحياة، فتكون الحياة بالموت والموت بالحياة؟
إن الذين يدّعون بأن البشر جاء ليرفض الحياة وينتقم منها، وغايته أن يحقق الموت لأن فيه حياته، إنما هم يقدمون رؤى منحرفة وتصورات مريضة، وينطلقون من أوهام سوداوية، لا تمت بصلة للدين، وإنما لِما فيهم من علل وأوبئة واضطرابات مريضة، وهم بحاجة للعلاج أكثر من أي شيء آخر. فهل أن المخلوقات وجدت لكي تنتقم من الحياة؟ وهل أن البشر وجد للتخريب والدمار والعبث بالمخلوقات والموجودات؟
إن كل شيء من حولنا أمانة في أعناقنا، فإذا كان المدّعون بالدين يؤمنون بربهم، وأن كل شيء ملكه، فعليهم أن يكونوا أصدق الأمناء على ملك الله!! فكيف بهم يخونون أمانات ربهم ويتمشدقون بالدين؟!
إننا خلقنا لنعيش ونحيا ونبقى، وما جئنا لننكر نعمة الحياة ونعاديها ونفتك بها، وفقا لتصورات واهية وأضاليل بالية، وخرافات خاوية، ومناهج سقيمة، ملوثة بنزعات أمّارات السوء والبغضاء القابعة في دياجير أعداء الحياة والدين. فالدين من أجل الحياة الأفضل للإنسان، وليس من أجل قتل الحياة وإبادة الإنسان، وإلا لماذا جاءت الأديان، ولماذا تواصلت نداءات الرسل والأنبياء والمصلحين والمفكرين والعلماء؟!!
إن دعاة الموت، هم بلا دين، وفي قرارة نفسهم يتمتعون بالحياة، لكنهم يسخّرون غيرهم للموت والانتقام منها، وفي ذلك أنانية فاضحة ونرجسية صارخة، فلو بحثت عن قادة هؤلاء المنتقمين من الحياة، لوجدتهم يعيشون في ذروة المتعة والتفاعل الرغبوي مع الحياة، التي يبشرون بنكرانها وفنائها وعدم قيمتها، وأن الحياة الحقيقية تتأكد بالموت!!
فعلينا أن نعيد النظر فيما نرى ونتصور، ونرفع رايات الحياة من أجل الوطن والدين، لكي يتحقق السلوك القويم، وينهزم الظلاميون المعممون بالسوء والبغضاء، والداعون للمنكر والناهون عن المعروف!!
واقرأ أيضاً:
يأكلون الدنانير والناس يتضوّرون!! / سلوك الفساد!! / فكر سقيم وأمة عليلة!! / حرير وخرير!!