حوافر الإبل والخيول عبّدت الطريق ما بين الصين والعالم القديم، وأرست دعائم "طريق الحرير" الذي يبلغ طوله ستة آلاف كيلومتر، وقد كان ناشطا في التجارة العالمية منذ مئة وأربعة عشر قبل الميلاد وحتى عام ألف وأربعمئة وخمسين بعد الميلاد. ولا يزال الطريق قائما لكنه خامل النشاط، فبدايته القديمة شاخصة للسياح في بلاد الصين، ومساراته تقاوم عوامل الزمن وتأبى الاندثار.
ويبدو أن الصين أدركت قيمة الطريق وأهميته الحضارية والتجارية والإنسانية، وأخذت تفكر بإنشاء خط القطارات السريعة أو "خط الحرير"، لكي تتواصل مع العالم القديم الجديد الذي لا تزال على صلة حيوية معه.
ويبدو أن مصر اكتشفت القيمة التجارية والسياحية للمشروع، فأخذت تتفاعل مع الصين لإنشاء "خط حرير" يربط ما بين مصر والصين، وإن تحقق ذلك فإنه سيكون ثورة إقتصادية ذات مردودات استثمارية متنامية، تساهم في دعم الاقتصاد العربي والصيني، وتفتح بوابة سياحية تدر أرباحا لا تنضب.
ومن الحكمة أن يتوجه العرب نحو الصين في مشاريع النقل وخصوصا السكة الحديدية والقطارات السريعة، التي تمتلك الصين أحدث تكنولوجياتها ومهاراتها، وذات قدرات فائقة على تصنيع أسرع القطارات في الدنيا.
ولا يوجد في بلاد العرب أوطاني قطار سريع واحد، وحبذا لو تفاعلت الدول العربية مع الصين لإنشاء خطوط للقطارات السريعة تربط دولنا ببعضها كما هو حاصل ما بين الدول الأوربية، وفي الصين نفسها، التي ترتبط جميع مدنها بشبكات للقطارات السريعة الرائعة المريحة، التي تمد دفق الحياة اليومية بالقدرات الإنتاجية والإبداعية اللازمة للقوة والتنامي والاقتدار الحضاري والاقتصادي المتميز.
فالعرب أمضوا أكثر من قرن في الخرير أو النزيف لما فيهم وعندهم من ثروات وقدرات حضارية وإبداعية، ولا بد لهم اليوم من إيقاف هذا الخرير الخسراني المدمر المهلك، والتعلم من طريق الحرير، ومن منتجاته، فالحرير تصنعه الدودة التي تعتاش على الأوراق الخصراء لتحيلها إلى حرير، ولهذا تجد في معظم البيوت الصينية عناية بدودة القز ورعاية لها ولإنتاجها الذي يباع لمصانع الحرير المنتشرة في العديد من المدن.
ويبدو أن منهج دودة القز قد علم الصينيين الصبر والإبداع والإنتاج الأصيل، فهم يصنعون كل شيئ من أي شيئ، كما تصنع دودة القز الحرير من أوراق التوت!!
واقرأ أيضاً:
سلوك الفساد!! / فكر سقيم وأمة عليلة!! / الحياة إرادة الموجودات!! / التعايش والانتعاش!!