لكي تكون قويا عليك أن تصنع وسائل قوتك، وكل مُستورد لقوة لا يمكنه أن يكون قويا، وإنما مرتهنا بإرادة القوة التي استورد منها بعض أسباب القوة. والدول التي لا تصنع سلاحها لا يمكنها التحدث عن القوة، فهي مثل الأرانب التي تلبس جلد الأسد!!
ومن الواضح أن سبب الخيبات العاصفة ببعض المجتمعات ناجم من عدم قدرتها على صناعة ما تحتاجه من السلاح، فتسعى لشرائه لتقيّد مصيرها بإرادة مَصدرهِ، وفي هذا فقدان للسيادة والحرية والكرامة الوطنية والإنسانية، لأن الذي يبيعك سلاحا يمتلكك تماما، لأن مصيرك مرتبط بسلاحه.
وهذه الحالة فاعلة في الواقع العربي منذ أكثر من نصف قرن، أو منذ أن أسست جيوشها واعتمدت على غيرها في التسليح، مما أدّى إلى ما آلت إليه الأحوال في جميع الأقطار العربية وبلا استثناء. ولا يُعرف لماذا لم تبدأ الدول العربية بسياسات التصنيع العسكري مع بدايات تأسيس قوتها العسكرية، كما تفعل المجتمعات القوية، وإن فعلت فأنها تخرّب ما صنعت ولا تتواصل وتتطور كما حصل في العراق ومصر ودول أخرى بدأت وتوقفت.
وعليه فأن الدول العربية ليست قوية أو أنها متوهمة بالقوة، وهي تستورد كل شيء من غيرها، وتحسب أن قوتها في النفط وحسب، وما تمكنت من توظيف عائداته لتحقيق المرتكزات الحقيقية القادرة على صناعة القوة، وتناست أن جوهر القوة يكمن بالمعرفة والعلم وإعمال العقول وتأهيلها للإبداع والتواصل والتفاعل الوطني الأصيل.
وما يجري في بقاع العرب من صراعات دامية تستخدم أسلحة وذخائر مستوردة من الآخرين، وتساهم أموال النفط بتوفيرها ودفع حساباتها، أي أن العرب يسخرون الثروات النفطية لدمارهم وتنمية أسباب إضعافهم وهونهم. فالعرب يقاتلون بأسلحة غيرهم، ومن يقاتل بأسلحة غيره يحقق مصالح السلاح ويناهض مصالحه، فالذي يبسع السلاح لا يفعل ذلك إن لم يكن استخدامه محققا لمصالحه، ولذلك فإن استخدام العرب للسلاح قد حقق مصالح مَصادره وما حقق مَصلحة عربية واحدة.
ومن يتصور بأن العرب أقوياء لأن لديهم القدرة على شراء الأسلحة من غيرهم، فهو يعيش سرابا، لأن ما أنجزه العرب بالأسلحة المستوردة لديارهم هو الخراب والدمار والضياع، والتعبير عن العداوة والعدوان والانتقام والتحول إلى أسواق مفتوحة لتجار الأسلحة وشركات الافتراس الحضاري اللذيذ. فالقوي مَن يصنع سلاحه والضعيف مَن يستورده، فيتوهم القوة وهو الواهن الضعيف.
واقرأ أيضاً:
التأويل والتعويل!! / هجرنا وهاجرنا!! / الأمانة والهجرة!! / مجتمعات شمعية!!