الموجودات الأرضية برمتها في صراع طاقوي إحلالي إنتقالي متبادل، ومنذ الأزل وسيتواصل أبدا، فما تغير شيئ سوى ميادين الإفتراس والمُفترِسين!! فجوهر الحروب والصراعات هو الطاقة، فأينما كانت مصادرها ومكامنها، فإنها تُستهدف وتتكالب عليها القِوى وتتصارع، ولا جديد في الأمر.
ومصادر الطاقة تتبدل وفقا للتقدم الحضاري، فكلما تطورت المجتمعات الأرضية تنامت وتنوعت حاجتها لمصادر الطاقة. وعلى مدى القرن العشرين ولا يزال قد تسيد النفط على جميع مصادر الطاقة الأخرى، فكانت حضارة القرن العشرين برمتها حضارة النفط، وفي القرن الحادي والعشرين يبقى النفط هو سيد الطاقات وأرخصها وأكفأها.
وبما أن المنطقة العربية تحوي أكثر من سبعين بالمئة من نفط الأرض، فإن القوى المفترسة ستمضي في مسيرة إفتراسها، ووفقا للتغيرات المتطلبات الذاتية والموضوعية، ولهذا فإن دول المنطقة تبقى مستهدفة بسبب ما تحويه من مصادر كبرى للطاقات.
ولكي تأخذ مصدر القوة من الأمة عليك أن تبعثر صفوفها، وتشتتها وتمنعها من الاتحاد والاعتصام بقيمة جامعة، لأنها ما أن تتآلف وتتفاعل بإيجابية فإنها تتحول إلى قوة عظمى ذات تأثير على مسيرة الحياة الأرضية، وتقبض على عنق الوجود الطاقوي الأرضي.
وما يجري في الواقع العربي، أن للنفط دور أساسي ورئيسي فيه، فالتبعثر المقصود والمبرمج وآليات المفعول به المحتدمة، تساهم في التغفيل والتحويل، لكي تمتلك القِوى المفترسة حرية التصرف بالنفط وتقرير مصيره وإلى أين يذهب، ولكي تستخدمه للضغط على العديد من القوى الصاعدة من حولها.
كما أن سياسة اعتبار الحديث عن النفط (إسطوانة معادة مشروخة)، قد تم تمريرها بنجاح تام ومؤثر في الوعي الجمعي العربي، فصار العرب منشغلين بتفاعلات تدميرية تعميهم وتلهيهم وتبعد أنظارهم عن جوهر الويلات والتداعيات. وما أكثر الطُعومات التي إبتلعها العرب وتمحنوا بصناراتها، وهم في تفاعلاتهم المقيدة بخيوط وحبال وشباك الصيادين المهرة، الذين حوّلوا الواقع العربي إلى مزارع آفات وعظايا، وجعلوه أحواضا لتربية أسماك القرش والتماسيح وكل مخلوق يفترس الأحياء.
ولهذا تحققت إشاعة العمى الذاتي والموضوعي، وتأجيج العدوانية الوطنية والاجتماعية والدينية، لكي ينشغل الناس بما يبعدهم عن النفط وموارده وحقوقهم فيه، وقد أسهم من العرب العديد من المغرر بهم لتمرير هذه المشاريع اللازمة لتحقيق الافتراس المريح واللذيذ، ولأخذ النفط بأزهد الأسعار بل وسرقته، وتهجير أهله لكي يكونوا هم مالكيه.
ومن النفط تتفرع مشاريع أخرى وثوابت افتراسية تحافظ على مصالح معلومة ومستترة، وما يجري في أروقة السياسة والإعلام، تمويه وتضليل وترويج لبضائع فاسدة، لكنها انطلت على الناس وصادرت مصيرهم وما يمت بصلة إليهم. فلا أفظع مما يجري في ديار العرب، لتأكيد امتلاكهم ومصادرة وجودهم بأكمله، فهل أدركتم من أجل النفط تداعت وحوش الغاب الحضاري على بلاد العرب أوطاني؟!!
واقرأ أيضاً:
خطباء الجمعة والإساءة للدين!! / أبجد هوّز...!! / الانكسار العلمي!! / التكريس السلبي!!