من قوانين السياسة والتفاعلات الدولية أن القوي يَهاب القوي، والأقوياء يفترسون الضعفاء، والضعفاء يفترسون بعضهم البعض؟!!
المُفتَرِس لا يُفترَس، فالأسد لا تأكله الهوائم، والصقور لا تأكلها الحيوانات الأخرى كالكلاب وغيرها، لأنها تهابها وهي ميتة!!
ومن أهم القوانين أن الأقوياء لا يُؤتمَنون، وأنهم يميلون نحو الأقوياء، ولا يعنيهم إلا آليات تحقيق المصالح وبلوغ الأهداف، فلا ثقة ولا وفاء ولا ثبات في سياسات الأقوياء، وإنما هي التفاعلات الافتراسية الدائبة، والتواصل مع ما يتوافق معها، ويساهم في زيادة قدرات التهام الأهداف.
وما يجري في المنطقة، لا يشذ عن هذه الآليات، المتحكمة بسلوك القوى الساعية بالاتجاهات الأقوى، التي تؤمن المصالح بخسائر أقل، ولهذا فأن القوة اللازمة لتحقيق مصالح الأقوياء، هي الفاعلة في المنطقة والمُؤيَّدة بهم والمحمية بإرادتهم، لأنها تترجم منطلقاتهم وتؤمّن مصالحهم وتنجزها بقدرة أكبر.
وأصبحت الدول العربية، لما أصابها من اضطراب وهلهلة، أهدافا سهلة وفرائسَ سمينة للجميع، وتنصلت العديد من المجتمعات عن هويتها، وتشبثت بمواصفات ومسميات جديدة تتوافق ومصالح الدول المُفترسة، وتنفيذ برامجها ومشاريعها الدفينة. ولهذا فإن العروبة تم دحرها أو إلغاؤها من الوعي العربي المعاصر، لكي تحل مكانها الهويات الجديدة، اللازمة للتواصل في إنجاز المشروع، وإدامة التفاعلات الضرورية للتنمية التدميرية للذات العربية في كل مكان.
ومما يثير العديد من علامات الاستفهام، هناك من بين العرب الكثيرون المستعدون والمؤهلون للانطلاق إلى حيث تريد البرامج والمخططات، وهم يندفعون بغفلة وسذاجة، ولا يفهمون ماذا يتحقق من حولهم ويُستثمر فيهم، وإنما هم أدوات لتمرير أفظع المخططات وأقبح التفاعلات وأسوؤها في مسيرة المجتمعات المعاصرة.
ولا يمكن للعرب أن يستعيدوا قوتهم وكرامتهم وعزتهم ويرهبوا الآخرين من حولهم، إلا بالعودة إلى عروبتهم وإدراك المخاطر الحافة بهم، ووعي أن لا بد لهم من الاعتصام بما يجمعهم، ويؤهلهم للحفاظ على هويتهم وذاتهم وموضوعهم، وأن لا يكونوا أدوات سهلة لتحقيق أهداف الآخرين، الذين يسخرونهم لاستعادة أمجادهم، والوصول إلى أهدافهم بخدعهم وأضاليلهم، وامتهان العرب وفقا لمسميات وتصورات وتوصيفات لا قيمة لها ولا معنى، إلا أن يقتل العربي العربي ويقضي على وجوده الوطني والإنساني، ويدفع بالأجيال لتكون من ممتلكات الآخرين وعبيدهم.
فهل أدرك العرب اللعبة أم أنهم في غفلتهم يعمهون؟!!
واقرأ أيضاً:
الرؤية والتبعية!! / ذكرى اليقظة والثورة والنار!! / السلوك بين العرض والطلب!!