هذه حكمة أو منطوق سلوكي تكرر على لسان أجيالٍ وأجيالٍ وأجيال، ولا نزال نردده، وما تعلمنا فن الخدعة في الحرب، بل تحوّلنا مرارا وتكرار إلى مَخاديع (يسهل خدعنا وتمرير المخططات علينا). فواقعنا صار ميادين خُدَع، ونحن اللاعبون المهرة لتمرير إرادة أية خدعة مفبركة ضد مصالحنا ومرتكزات وجودنا الإنساني والحضاري والوطني.
"الحرب خدعة"، والأمم والشعوب تعرف ذلك وتمارسه بحذق واقتدار يصب في مصالحها الوطنية، ويؤمّنها من المخاطر والمداهمات التي تؤذيها وتتسبب لها بالعناء. بينما الحياة في ربوع المخاديع تتصاخب وتتلاحب وتشتد اضطرابا ونضوبا وفتكا بالموجودات كافة.
والأمم التي يتكاثر فيها المَخاديع لا تحقق مفيد، ولا تتمكن من الحفاظ على سيادتها وكرامته، وتفقد قدرات الحياة الآمنة المطمئنة، وتصبح مطية لتحقيق مصالح الطامعين فيه، وكلما ازداد وابل الخدع وتراكمت عليها الخطوب والمواجع، تنامت فيها التفاعلات السلبية المفضية لاندحارات متواكبة وخسائر شديدة، تكلفها الكثير من طاقاتها وثرواته، وتأخذها إلى مسارات النزيف العنيف.
وواقع المجتمعات العربية يوّضح هذا المنحى المترجم لآليات "الحرب خدعة"، ذلك أن معظم الساسة قد انخدعوا، أو انطلت عليهم الخدع، وتم وضع العديد منهم على سفوح المنزلقات وتسليط القوى الدافعة لهم لينحدروا إلى أسفل سافلين. حصل ذلك في العديد من البلدان التي تورطت بمنزلقات الخسران والعدوان على بعضه، وما أدركت الخدعة وما سيتولد عنها من تداعيات وتكاليف وتطورات، ستجبرها على الارتهان والتواكل على غيرها للخروج من قاع البهتان.
وإن الخدع تُعَدّ في مطابخ متنوعة الألوان، ومصائب العرب في أزيز الفوران. فالخدع الداخلية والإقليمية والعالمية هي التي أصابت العرب بمقتل، وشرذمتهم، وقاتلتهم، وحولتهم، إلى طوائف وفئات متصارعة متكالبة على التسلط والتواصي بالفساد والامتهان. فهل سيدركون جوهر الخدعة الكبرى، ويتحررون من قيوده، ويبدؤون عصر إتحادٍ وتفاعلٍ وتواصلٍ يعيد لهم شيئا من عزتهم الممرغة في وحل الهزائم وطين الغثيان؟
وهل سيتعلمون ثقافة الخدعة ومهاراته، ويتأهلون لابتكار خدعهم وتمرير مخططاتهم اللازمة لتأمين مصالحهم والحفاظ على سلامة أوطانهم ومستقبل أجيالهم؟
تساؤلات وأجوبته، في جعبة المُخادعين المنتصرين على العرب!!
واقرأ أيضاً:
الدول المضيئة والمعتمة!! / خريف الأغصان العربية !! / الدولة الفاشلة آلة التقسيم!! / لقمة العيش الديمقراطية!!