البشر عدو نفسه، فهو ضد ذاته وموضوعه، ولا يوجد أشرس وأقسى عدو للبشر من تفسه. تلك حقيقة المأساة الأرضية. فالبشر يسعى ضد ذاته وموضوعه، ومجتمعه ومعتقداته ودينه وحزبه، وكل عناصر الخير اللازمة لبناء الحياة الفاضلة. ولهذا فلن يكون للسلام مكانا رحبا، وللخير دورا متفوقا، وإنما هي الشرور الملتهبة والمساوئ الطافحة بالخطايا والآثام والآلام.
فأخطر عدو للبشر هو البشر!!
فنحن مخلوقات تقتل نوعها، وتستثمر في الشرور والويلات، وتتلذذ بالمآسي والملمات، ومعظمنا عبيد لأمّارة السوء الطاغية المستبدة في أعماقنا.
وقدراتنا للتعبير عن الشر أقوى وأسرع من قدراتنا للتعبير عن الخير، ومؤازرتنا للرذيلة أقدر من مؤازرتنا للفضيلة، ذلك أننا من المخلوقات المحقونة بالغضب، والحاوية على أجيج صاخب من المشاعر السلبية، التي لا بد من التعبير عنها ومشاهدة آثارها من حولنا.
ولهذا كان أول عمل قام به البشر فوق التراب هو القتل والعهر، فقد بدأ البشر سعيه فوق الأرض بسفك الدماء وممارسة البغاء، ولا زال إلى يومنا هذا، يمارس هاتين المهنتين بوسائل متطورة ومتقدمة، وذات مردودات إقتصادية ونفسية وفكرية ومعنوية عالية.
فالقتل عقيدة!!
والبغاء عقيدة!!
ويمكن تطبيق الغقيدتين على أنواع السلوك والتفاعلات البشرية على مر العصور.
ووفقا لهاتين العقيدتين تتحقق الأحداث وتتواصل الصراعات والحروب وسفك الدماء. وأية عقيدة أخرى مهما كانت وإدّعت فأنها لا تخلو من مؤثرات هاتين العقيدتين، اللتين تتلخصان بالجنس وسفك الدماء.
وبناءا على ذلك، فإن البشر يؤكد في سلوكه على العدوانية الساعية إلى النزيف الدامي والجنس الهامي. فالحروب تؤدي إلى تدمير القيم والأخلاق وتحطيم المعايير والتقاليد، وتحقق الفقر والتشرد وتدفع إلى المتاجرة بالأجساد، وإنتعاش البغاء وتحويله إلى أهم مصادر العيش، ولا يمنع من ذلك أي دين أو عقيدة أخرى، لأن عقيدة البغاء تكون متفوقة ومقتدرة.
تلك هي حكاية العدوان البشري- البشري، الذي يرسم خارطة التفاعلات القائمة في المجتمعات والأوطان. وجوهرها أن البشر ضد ذاته وموضوعه، وأن فيه قوة كامنة دافعة قوية مطلقة، تأخذه دون وعيه وتمام إرادته إلى حيث يحقق أسباب الفتك بنفسه وبمجتمعه وحزبه ودينه ومعتقده، وتسخره لأغراض القتل والبغاء وحسب.
واقرأ أيضاً:
قبضة المواقف!! / أقلام أجدادنا!! / مصير وعصير!! / الحوّاكون!!