لن يهزمك أحد إلا إذا اعتقدت أنه يستطيع ذلك
علامات النفاق:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان" - رواه البخاري ومسلم.
وهناك نوعان من النفاق:
النفاق العقائدي: هو دخول المرء من باب وخروجه من باب، وهو في الشرع وصف لقوم أظهروا الالتزام بالدين ليحرزوا به حقوقهم، وقلوبهم كافرة. وقد لعن الله المنافقين وذمهم وتوعدهم بالعذاب الأليم، وذكر أن من صفاتهم أن يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويدعون الإيمان بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين. والمنافق الظاهر عليه شيء من علامات النفاق يعلمه الناس فيتقونه ويبتعدون عنه.
وهناك نوع آخر من النفاق هو النفاق العملي: ويتمثل في بعض الأشخاص الذين نعرف عنهم تكرار الكذب وخلف العهد وخيانة الأمانة والفُجْر في الخصومة، وحامل هذا النوع من النفاق مزعج لمن حوله ومؤذي لمن يصادقه، أو لمن يتخذه قدوة ونبراسا له في الحياة، ومن المستحسن أن نبتعد عن الشخص الذي يحمل بعضا من هذه الصفات لتجنب أذاه؛ حتى يهديه الله ويعود إلى جادة الصواب. وأهم الصفات السيئة قي ذلك المنافق هي: الكذب وخيانة الأمانة وخلف الوعد والعهد والفُجْر عند الخصومة.
ولقد وصف أحد الشعراء من يُظهر صداقته ووداده لك؛ فيُسمعك معسول الكلام، ولكنه يكن لك الحقد والغل في قلبه، ويتمنى لك في نفسه الموت الزؤام بثلاثة أبيات خالدة:
لا خيرَ في وُدِ امـــــرئ مُتــــلونٍ
حــــُلو اللسانِ وقلبـــــُهُ يَتلـهّبُ
يَلقــــاكَ يُقســـِمُ أنهُ بِك واثـــِقٌ
و إذا تَــــــوارى عَنك فهو العقرَبُ
يُعطيك مِن طرفِ اللسانِ حلاوةً
ويَــرُوغُ مِنكَ كما يَـــــرُوغُ الثعلب
وأذكر هنا أيضا قصة من التراث العربي مضمونها هو أن نبتعد عن أهل النفاق والسوء، لأن عشرتهم مغبتها الخسران -حتى ولو كانوا ممن أحسنا إليهم-:
تجنب معارف السوء:
حكى بعضهم قال: دخلت البادية فإذا أنا بعجوز بين يديها شاة مقتولة وإلى جانبها جرو ذئب. فقالت أتدري ما هذا؟ فقلت لا، قالت هذا جرو ذئب أخذناه صغيرا وأدخلناه بيتنا وربيناه، فلما كبر فعل بشاتي ما ترى. وأنشدت:
بقرت شويهتي وفجعت قومي وأنت لشاتنا ابن ربيب
غُذيت بضرعها ونشأت معها فمـــن أنبأك أن أباك ذيب
إذا كــــان الطبـــاع طبــاع سوء فلا أدب يفيد ولا أديب
إذاً، فالمشكلة كلها تكمن في المواقف السلبية، عندما نزيل كل الأفكار السلبية البسيطة وصولا إلى لب السلبية فينا، سنكون على استعداد لنمو إيجابي جديد، إذا قمنا بحماية ورعاية الأفكار الإيجابية من البيئة العدوانية التي تسعى إلى تدميرها، فسوف تزداد علوا ومكانة لتنجو من مهالك التفكير السلبي. وعلينا لذلك أيضا أن نتجنب رفقاء السوء والمنافقين من البشر، لأنك لا تأمن على نفسك في قربك منهم، ومن هؤلاء على سبيل الذكر فقط وليس الحصر الشخصيات عدوة المجتمع وأهل البغي والعدوان، ثم إياك إياك أن يكونوا هم قدوتك في تحقيق أهدافك المستقبلية.
لا تفتقد اللياقة
علينا ألا تفتقد اللياقة مع الآخرين، علينا ألا نفتقد أن يكون الإنسان دبلوماسياً مع الآخرين، فيُحسِن التعامل معهم، وألا نقول: "للأعور أنت أعور في عينيه"؛ بحجة أننا ننصح الآخرين ونأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر.. أو نوجه إليهم نقداً لاذعاً وتهكماً لا داعي لهما.. ولا نظن أن ذلك مدعاة لعدم النفاق والوضوح.. فماذا نستفيد عندما نحطم الآخرين.. ونهيل عليهم التراب.. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- " وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك فلا تشتمه بما تعلم فيه فإن أجره لك ووباله على من قاله". ويُحكى أن رجلاً شتم أعرابيا فلم يجبه، فقيل له في ذلك، فقال: "أنا لا أدخل في حرب الغالب فيها شر من المغلوب!!".
ومن ثَمَّ علينا أن نشير إلى أخطاء الآخرين من طرف خفي وبلباقة، ولا داعي أن نجرح الآخرين، فمن أصعب الأشياء على أنفس معظم البشر تقبل النصيحة والنقد من الآخرين؛ ولذلك يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-:
تعمدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع من التـــــــوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت قــــــولي فلا تجـــــزع إذا لم تُعطَ طاعة
- كما أن من حقوق الأخوة أن تسكت على ما يكرهه أخوك، إلا إذا وجب عليك النطق في أمر بمعروف أو نهى عن منكر ولم تجد رخصة في السكوت. يقول لقمان يا بني: "عجبت لمن يشتري العبيد بدراهمه، ولا يشتري الأحرار بلسانه وإحسانه!!".
- ولكي يكون أسلوب تعاملنا جيداً ينبغي علينا أن لا نفتقد اللياقة، ينبغي أن نتعامل مع الآخرين التعامل الحسن والتعامل الأمثل.
وهنا أتذكر مقولة للقمان الحكيم؛ وذلك عندما سأله سائلاً منبهراً بأدبه وحسن خلقه: ممن تعلمت الأدب؟!
قال: "من قليلي الأدب!؛ و ذلك أني كلما رأيت أحدهم أساء التصرف في أمر من الأمور اجتنبت فعله حتى لا أبدو في نظر الآخرين مثله".
كيف نحول فكرنا السلبي إلى فكر إيجابي؟
إننا نتعلم أن نكون سلبيين، عن طريق هؤلاء الذين يهتمون بنا كثيرا مثل الوالدين والمدرسين وممثلي السلطة التنفيذية، وأصحاب السلطات الأخرى التي تضع قوانين الحياة الأسرية والمجتمع بشكل عام، لقد وجهت لنا كأطفال هذه الكلمات باستمرار: "لا لا تلمس الموقــد، وإلا احترقت"، ثم نجد أن حياتنا سلسلة مستمرة من محاولة تخطي الحدود من جانبنا، ومحاولة فرض القيود علينا من جانب هؤلاء الأفراد ذوي السلطة.
إن لهذه التعليمات السلبية المكررة أثرا تراكميا، إذ نبدأ في التفكير في احتمالات الفشل أكثر من النجاح، ثم تصبح أفكارنا مجرد شطحات لإشباع الذات، ولأننا نعتقد أننا سنفشل، ننتهي فعلا بالفشل، وسواء ندرك هذا أو لا، فإننا نحول أفكارنا بانتظام إلى واقع ملموس، يبدأ النجاح في أية محاولة بالاعتقاد بأننا سننجح، ثم نحول هذه الأفكار الإيجابية إلى نظيرها المادي. وعلينا أن نتذكر الحكم الخالدة: "سقوط الإنسان ليس فشلاً، ولكن الفشل أن يبقى حيث سقط"، والحكمة الثانية: "الذي يعمل ويفشل خيرٌ من الذي لا يعمل على الإطلاق" ، أما الحكمة الثالثة فهي: "الفشل أمر شائع بين الناس، فهو أكثر حدوثاً من النجاح؛ لذا فلا داعي أن نخاف من الفشل".
وهناك مقولة شهيرة تقول: "الفاشلون قسمان: قسم فكر ولم يفعل، وقسم فعل ولم يفكر"، وذلك لأن النجاح لابد أن يسبقه تخطيط جيد، ودراسات للجدوى لأي مشروع من نواحي مختلفة؛ ثم يتبع التخطيط ودراسات الجدوى بذل المجهود والعمل والإصرار على النجاح، ولكن إذا تراكمت الخبرات تراكماً سلبياً نتيجة للفشل المتكرر؛ فسيكون هناك صعوبة في الإصرار على النجاح.
إن الطريقة الوحيدة للتغلب على السلبية هي أن نمنع الأفكار السلبية عندما تراودنا، ونستبدلها بأخرى إيجابية. ولكن هذه مهمة صعبة، وخاصة بعد أن قضينا وقتا طويلا في اكتساب عاداتنا السلوكية والفكرية.
واعلم: "أنك إذا لم تنجح من أول مرة فإنك تتأرجح في المستوى المعتاد بين البشر" (أندرسون)
تحمل المسئولية، ونبذ السلبية:
قطعتان كبيرتان من جناحي طائرة محطمة مازالتا منتصبتين في إحدى جزر القطب الشمالي كانتا ترمزان إلى أحداث قصة حصلت في 30 أكتوبر 1991م حيث ما زالت آثارها باقية في نفوس الناجين منها بعد سقوطها حينما كانت في طريقها من قاعدة تويل جرينلاند الأمريكية في جزيرة جرينلاند إلى قاعدتها العسكرية "ألبرت" الكندية في جزيرة قطبية أخرى تبعد عنها ساعتين تقريبا في الاتجاه القطبي.
وقد كان الكابتن طيار المدعو جون كوش هو المسئول عما حدث لتلك الطائرة، حينما كان مُحلِّقا في الجو لاحظ وجود أنوار المطار، ولكنه اكتشف فيما بعد بأنها انعكاس لأنوار القاعدة العسكرية "ألبرت" وفجأة اختفت تلك الأنوار حيث كانت بداية هبوب عاصفة ثلجية بدأت بانتشار الضباب والذي خيم على المكان ولم يستطع قائد الطائرة تحديد مساره فهبطت الطائرة اضطراريا على منطقة ثلجية شديدة الوعورة، بعيدة عشرات الأميال عن المطار، والذي يفترض أن تهبط فيه الطائرة بسلام، وبعد محاولات عديدة للاتصال بالمطار ردوا عليهم وطلبوا تحديد مكانهم وبالفعل وصلت فرقة الإنقاذ ولكنها لم تتمكن من عمل شيء نظرا لشدة انتشار الضباب وعدم وضوح الرؤية، واستمرت المحاولات حتى وصلت إلى اثنتين وثلاثين ساعة عانى فيها الناجون أشد المعاناة حتى أن الطيار المسئول عما حدث لقي حتفه نتيجة الإرهاق الشديد الذي أصابه من محاولات استرضاء الناجين والمحافظة على حياتهم.
وهكذا نرى أن الله تبارك وتعالى قد قدر للبعض النجاة والبعض الموت، وحتى الكابتن الطيار المسئول عما حدث والذي كان خائفا من الموت في حرب الخليج قبل سنة من حادثته هذه لم يعلم أن ملك الموت قد أُمِر بقبض روحه في القطب الشمالي في ليلة كان يهاتف صديقه الطيار الآخر للدخول في منافسة معه للعب "البولينج"!. إنها أقدار الله المحتمة، يقول تعالى: "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة....." سورة النساء، من الآية 78 ولكن يُحسب لهذا الطيار الشجاع محاولاته المضنية لإنقاذ الناجين، وإحساسه الشديد بالمسئولية نحو الناجين من تحطم طائرته، ومحاولاته للحفاظ على حياة من نجا من تحطم الطائرة.
ويتبع >>>>>>>>>>> كيفية التغلب على الأفكار السلبية