ليس هناك مادة كيمائية محظورة تثير الجدل في جميع أنحاء العالم مثل الحشيش. يعود تاريخ استعمال الحشيش لأغراض ترفيهية وطبية لأكثر من 8 آلاف عام. الأنثى من نبات الحشيش تحتوي على أضعاف المادة الكيميائية الفعالة تيترا هايدرو كانبينول (ت.ه.ك) (Tetra Hydro Cannabinol (THC. يتم تجفيف النبات ولفه ومن ثم تدخينه.
يستقبل الجسم الحشيش عن طريق مستقبلات خاصة به في الخلايا العصبية وخاصة في المناطق التي تعرف بالتحت القشرية. لا تتوفر هذه المستقبلات بكثرة في القشرة المخية ولا توجد في جذع الدماغ والذي يتحكم بالوظائف الحيوية للإنسان مثل التنفس وفعالية القلب والأوعية الدموية والهضم. لذلك لا تسمع أحد قتلته جرعة سامة من الحشيش.
يشعر الإنسان بالنشوة خلال نصف ساعة ولا يدوم ذلك أكثر من بضعة ساعات ويمكن ملاحظة احتقان أوعية الدم في العين وزيادة طفيفة في سرعة دقات القلب، ولكن تثبيطه للفعالية الحركية والمعرفية قد يدوم لأكثر من نصف يوم.
هناك عدة أنواع من الحشيش الجاهز للتدخين ومع تطور العلم وتطبيقه في مجال الزراعة تم إنتاج نبات يحتوي على أضعاف تركيز ت.ه.ك.، وتدخين الحشيش أكثر فعالية من أكله مع الطعام، ويتم مزجه مع مواد محظورة أخرى أحيانا.
البعد الاجتماعي لاستعمال الحشيش
يحتل الحشيش (ت.ه.ك) المرتبة الرابعة من المواد الكيمائية التي يستخدمها الإنسان بصورة ترفيهية بعد الكافيين والكحول والنيكوتين. كان الحشيش وإلى عهد قريب محظورا في جميع أنحاء العالم ولكن الدولة بعد الأخرى بدأت ترفع هذه القيود. كانت هولندا أول بلد في العالم يرفع هذا الحظر عام 1976 أو بالأحرى عدم تطبيق القانون الخاص باستعمال المواد المحظورة على من يمتلك الحشيش أو حتى يتاجر بكميات قليلة منه حتى أصبحت مقاهي الحشيش في أمستردام محط فضول السواح من جميع أنحاء العالم.
تعرضت هولندا لانتقادات لاذعة لأكثر من 20 عاما من قبل جميع بلدان العالم ولكن مع حلول الألفية الثالثة بدأ الإعلام الليبرالي والحكومات الغربية تفكر برفع القيود وكانت أوروغواي أول قطر في أمريكا الجنوبية يرفع الحظر وسيتم الأمر كذلك في كندا والعديد من الولايات في الولايات المتحدة الأمريكية.
كان استعمال الحشيش سابقا يرتبط بالجريمة والفساد الاجتماعي ومع مرور الوقت أصبح ظاهرة تميز بعض رجال الفن وترفيه الطبقات الغنية. رغم شيوع انتشار استعمال الحشيش عالميا ولكن استعماله بدأ ينخفض في السنوات العشر الماضية. انخفض استعمال أو تجربة الحشيش من قبل المراهقين والبالغين في المملكة المتحدة بنسبة 50% من معدل 16% من البالغين والمراهقين إلى ما يقارب 8% هذه الأيام. أما استعماله في العالم العربي فلا توجد إحصائيات دقيقة يمكن الاعتماد عليها ولا توفر مثل هذه الأرقام سوى جمهورية مصر العربية والسعودية والمغرب والخليج العربي. استعماله في مصر يقترب من بريطانيا ولكن ربما هناك عوامل اجتماعية وأمنية قد تعيق الحصول على رقم يمكن الاعتماد عليه.
يحتد النقاش في العالم الغربي حول تشريع استعمال الحشيش للتخلص من تجارة السوق السوداء ومنع تجار المخدرات استغلال المستضعفين من الناس. يقترح البعض تحديد قيمة الضريبة استناداً إلى نسبة المادة الفعالة في الحشيش وقد تتراوح ما بين 7% إلى 20%. هناك أيضا العامل الاقتصادي لضمان الحصول على الضريبة من بيعه مما يوفر دخلا لا بأس به لخزانة الدولة وبالتالي يمكن استثمار هذا الدخل في مشاريع صحية لمكافحة الإدمان وعلاج الاضطرابات النفسية. ولكن التيار الليبرالي يواجه مقاومة شعبية ويتحرج رجال السياسة من القبول بالرأي العلمي والاقتصادي بأن عدم تجريم استعمال الحشيش أفصل بكثير من مطاردة استعماله من قبل أجهزة أمن الدولة ويمكن أن يوفر جهود هذه الأجهزة للتركيز على مطاردة تجارة الأفيون والكوكين.
أما في العالم العربي والإسلامي فلا يزال النقاش يحتد حول تحريمه دينيا أسوة بالكحول. الحقيقة هي أن هذا النقاش لا يقتصر على الحشيش ويتجاوزه إلى الأفيون والكوكين وحتى السجائر. من الصعب أن تتصور تشريع استعمال الحشيش في العالم العربي والإسلامي في المستقبل القريب رغم أن استعماله لا يختلف كثرا عن بقية بلاد العالم في الغرب والشرق.
الحشاشون في التاريخ الإسلامي: الحشاشون فرقة فدائية إسلامية إسماعيلية أسسها الحسن الصباح في القرن الحادي عشر وتشكل نواة النزارية الإسماعيلية. اشتهروا بقلعتهم ألآلموت وانتشروا في الشام. اشتهروا باغتيال خصومهم وتضحية المغتال بنفسه وانتشرت الخرافة بأن الصباح وفر لهم جنة الأرض قبل السماء عن طريق الحشيش. انتقلت الكلمة محرفة إلى اللاتينية تحت Assasins من خوف الصليبين منهم.
البعد النفسي لاستعمال الحشيش
توجد عدة نظريات أو تفسيرات نفسية ديناميكية حول الإدمان على المخدرات بأنواعها. المدمن إنسان فشل في التعلق صحيا بمن تولى رعايته وبالتالي يعاني من عجز في تركيبته النفسية ويبحث في محيطه عن شيء يسد هذا العجز وقد يجده في مادة كيمائية تغير مشاعره وعواطفه. يؤدي ذلك إلى انقسام هيكله النفسي بعد ذلك إلى بناء مدمن وآخر غير مدمن عن طريق استعمال عملية دفاعية نفسية هي الانفلاق Splitting والتي يكثر استعمالها في اضطراب الشخصية الحدية. هذا يفسر شيوع الإدمان على المواد الكيمائية المحظورة في اضطرابات الشخصية لحدية والمعادية للمجتمع التي تكثر من استعمال الانفلاق كعملية دفاعية نفسية غير شعورية.
يصعب تطبيق هذا النموذج على استعمال الحشيش لأن ظاهرة الإدمان الجسدي والنفسي التي تصاحب الإدمان على الأفيون والكوكين لايمكن استعمالها. الدليل على وجود إدمان بيولوجي على مستوى الخلية في جسم الإنسان لا وجود له والإدمان النفسي الذي يتميز بتوق المريض إلى استعماله لا تتجاوز نسبته 10% من مجموع الأفراد الذين يستعملون الحشيش بصورة منتظمة. هذه المجموعة تتميز بعدم قابليتها على مواجهة وتحمل حالة وجدانية صعبة وعدم قابليتهم على العثور على كائن ثابت يعوضهم عن الحرمان العاطفي من جراء عدم التعلق السليم الآمن في الطفولة ولا يجد ضالته إلا في الحشيش. قد يكون التواق إلى استعمال الحشيش نتاج هذا الحرمان العاطفي والضعف في مواجهة الحالات الوجدانية المختلفة ولكنه لا ينتج عن عملية بيولوجية مصدرها خلايا الجهاز العصبي.
المؤسسات الطبية عموما وسياسة الحكومات الصحية تركز على ثلاثة مواد تتميز بالإدمان وتحاول تشريع القوانين للحد من استعمالها وهي:
1- تدخين السجائر وأضراره الصحية لا يجهلها أحد ويتم تدريسه في المدارس منذ عمر ستة أعوام. تم تشريع العديد من القوانين للحد من التدخين مثل زيادة سنوية في الضرائب على التبغ وآخرها تغريم السائق الذي يدخن ويقود سيارة فيها طفل. تحول التدخين إلى سلوك غير اجتماعي ولا ترى من يدخن في بيوت الآخرين بل وحتى في داخل بيته احتراما لمن لا يدخن. نجحت هذه السياسة في تقليص عدد المدخنين حتى أصبحوا أقلية.
2- الكحول والذي أصبح مستهدفا بصورة مكثفة في الآونة الخيرة وأضراره الصحية والاجتماعية أصبحت تنتشر إعلاميا في جميع أنحاء العالم. صناعة المشروبات الكحولية كبيرة ولها ثقلها الاقتصادي في العالم الغربي والشرقي ولكنها بدأت تواجه التحدي السياسي من الحكومات.
3- المواد الكيمائية المحظورة بمختلف أنواعها وعلى رأسها الأفيون والكوكين. هذا الإدمان يؤدي إلى تفسخ الشخصية وتدهور السلوك وتورط الفرد في سلوك إجرامي وكان عاملا مهما في انتشار مرض الإيدز.
لا أحد يعارض الرأي بأن الإدمان على الحشيش ليس مثل الإدمان على الكحول والنيكوتين، ولكن تشريع استعمال الحشيش وعدم تجريمه قد يؤدي إلى تحول الفرد تدريجيا إلى استعمال المواد التي تؤدي إلى الإدمان لا محالة مثل الأفيون والكوكين (لاحظ المخطط أدناه).
الدليل على هذا الرأي غير موجود وخاصة في هولندا ولكن من يستعمل الحشيش ينفتح أمامه باب التدخين على السجائر والتي هي الأخرى غير محظورة قانونيا ولكن أضرارها الصحية غير قابلة للتشكيك في صحتها.
البعد الطبي
استعمال الحشيش هذه الأيام لا يثير اهتمام المؤسسات الصحية عامة. لأن هناك مواد محظورة عدة هذه الأيام تشغل بال الصحة العامة منها ما تعرف بالرافعات القانونية Legal Highs ، هناك علاقة وثيقة بين استعمال مستحضرات الأفيون وعالم الجريمة على عكس استعمال الحشيش.
٠
الرافعات الشرعية Legal Highs : هي مواد كيمائية منشطة نفسيا يتم صنعها محليا وتحتوي على مختلف المواد الجديدة والتي لم يتم الفصل بها قانونيا. من جراء ذلك فإن امتلاكها واستعمالها لا يتم حظره إلا بعد اكتشاف السلطات لوجودها. عملية الحظر القانوني لا تتم بين ليلة وضحاها ويجب أن ينظر فيها رجال القانون. ما أن يتم حظر مادة معينة حتى تباشر العصابات بصنع مادة أخرى مع تحوير طفيف للتركيبة الكيمائية. ظاهرة استعمال هذه المواد بصورة ترفيهية تشكل مشكلة طبية جديدة حيت تؤدي إلى اضطراب ذهاني حاد وهلوسة بصرية وسلوك انتحاري. ولكن ماذا عن الطب النفسي؟
يتعرض الطب النفسي للانتقاد أحيانا من كثرة تداول مصطلح الذهان الذي يسببه الحشيش وتجاوز ذلك إلى أن الفصام في بعض المرضى سببه استعمال الحشيش لفترة طويلة. النوبة الذهانية الحادة التي قد تحدث بسبب الحشيش نادرة جدا وإن حدثت أعراض ذهانية أو شبه ذهانية بعد استهلاك الحشيش فهي عابرة ويصعب فصل دور الحشيش عن فعالية مواد كيمائية أخرى تم استهلاكها في نفس الوقت. يضاف إلى ذلك، ويمكن القول بأن بعض الأعراض التي يتم وضعها في إطار نوبة ذهانية بسبب الحشيش قد تكون مجرد أعراض انفصالية ونوبة شديدة من الهلع.
أما دور الحشيش في الفصام المزمن فهو أكثر تعقيدا. الكثير من المرضى المصابين بالفصام المزمن يعانون من أعراض ذهانية ووجدانية يصعب التعامل معها وليس من الغريب أن يبحث المريض عن مادة كيمائية تساعده على تحمل الألم. يمكن إضافة استغلال مرضى الفصام من قبل تجار الحشيش كذلك وهم أكثر عرضة من غيرهم للاستعمال المزمن المستمر للحشيش ولفترات طويلة. ولكن هناك الكثير من العاملين في الطب النفسي لا يقبلون إلا بتفسير واحد وهو أن الحشيش يسبب الفصام.
يعود تاريخ العلاقة السببية بين الفصام والحشيش لدراسة ميدانية تم نشرها في عام 1988. ولكن دراسات أخرى لم تثبت هذه العلاقة السببية وإنما استنتجت بأن هناك دلالة إحصائية على وجود ترابط بين استعمال الحشيش والفصام. الترابط الإحصائي غير العلاقة السببية وبعد مرور ما يزيد على 15 عاما للدراسة الأولى كانت التوصية بأن استعمال الحشيش في أعوام المراهقة قد يكون عاملا في إصابة المريض الأكثر عرضة من غيره لأسباب جينية وراثية1.
تم حسم هذه العلاقة بين الحشيش والفصام وصياغتها في إطار علمي يقبله الجميع الآن وهو أن هناك جينات يحملها المريض هي التي تجعله أكثر عرضة للإصابة بالفصام واستعمال الحشيش في نفس الوقت3. رغم قوة هذا الدليل فإن من الصعب أن يتغير موقف الطبيب النفسي العام من الحشيش لكثرة ما يلاحظه من استعمال الحشيش من قبل المرضى المصابين بالفصام.
هناك من المرضى المصابين بالفصام من يخضع لعلاج إجباري في مستشفيات الطب النفسي العدلية وبعد فترة يتم الإفراج عنه شرطيا. يتم هذا الإفراج الشرطي بعد إحالة القضية إلى محاكم الصحة العقلية ويتم وضع الشروط الخاصة بالسكن والعلاج من قبل فريق الطب النفسي ويتم مراجعتها من قبل المحكمة. من الصعب أن ترى مريضا يتم الإفراج عنه شرطيا بدون أن يكون تجنب تعاطي الحشيش والمخدرات أحد هذه الشروط التي يجب الالتزام بها. هذه الظاهرة تعكس قناعة الطب النفسي والقانون بأن الحشيش يلعب دورا لا بأس به في رحلة العلاج والشفاء من الاضطرابات النفسية.
اضطرابات استعمال الحشيش الطبنفسية
التصنيف الحديث لاضطرابات استعمال الحشيش يشير إلى اضطرابين. الأول هو التسمم بالحشيش بعد استعماله مباشرة مع ظهور تغيرات جسدية أو سلوكية مثل الشعور المفرط بالنشوة والخفة أو الشعور بالقلق والخوف واعتزال الآخرين. يصاحب ذلك احتقان ملتحمة العين، زيادة سرعة دقات القلب، زيادة في الشهية، وجفاف الفم. يصاحب ذلك أحيانا هلوسة بصرية أو سمعية أو لمسية بدون غياب إدراك الفرد لطبيعة هذه الهلوسة.
اضطراب التسمم بالحشيش نادرا ما يصل مراكز الطب النفسي ويتطلب رعاية المريض صحيا وضمان سلامته. التسمم بالحشيش لا يقضي على المريض وينتهي أمره تدريجيا وتلقائيا خلال يوم أو يومين.
أما اضطراب استعمال الحشيش فهو يشير إلى استعمال الحشيش لفترة طويلة مع تأثير هذا الاستعمال على الفعاليات الاجتماعية والعائلية والمهنية والسلوكية للفرد. هذا الاستعمال يؤدي بدوره إلى تسلطه على حياة الإنسان حيث يصبح الحشيش غايته الأولى والأخيرة. وجود أو عدم وجود الإدمان لا يؤثر على تشخيص هذا الاضطراب.
هناك أيضا اضطراب انسحاب الحشيش بعد استعماله بصورة مكثفة ولفترة طويلة. يعاني المريض بعد ما يقارب الأسبوع من التوتر النفسي والاكتئاب وضعف الشهية. يصاحب انسحاب الحشيش أحيانا أعراض جسدية مثل الحمى والرعشة أو آلام معوية مع صعوبة في النوم.
هناك اضطرابات أخرى يتم تصنيفها مع اضطراب استعمال الحشيش مثل الهذيان ونوبات ذهانية حادة والقلق واضطراب النوم.
الدليل على الاستعمال الطبي للحشيش
الحقيقة هي عدم وجود دليل علمي قوي يمكن الاستناد عليه لتبرير استعمال الحشيش أو مشتقاته في علاج مختلف الأمراض العصبية والنفسية والجسدية والألم المزمن. تفحص المواقع الإلكترونية والنشرات الإعلامية أحيانا يستعرض الدور الإيجابي لاستعمال الحشيش الطبي ولكن العثور على دليل علمي يستند على دراسة علمية يمكن الوثوق بها هو أمر صعب المنال. لا توجد دراسات طويلة المدى وإن كانت معظمها لا تشير إلى أضرار من استعماله في العديد من الاضطرابات وهناك عدة دول تجيز استعماله في التصلب المتعدد Multiple Sclerosis .
نقاش عام
رغم اختلاف الرأي بين الطب النفسي المعارض لاستعمال الحشيش والتيار الجماهيري الذي ينادي بعدم تجريم استعماله لكن لا يوجد اختلاف في الرأي بأن ليس هناك فائدة صحية أو نفسية لاستعمال الحشيش على المدى القريب والبعيد.
تضائل موقع معالجة استعمال الحشيش من قبل الفرق الطبنفسية التي تعنى بالإدمان. الغالبية العظمى لا تقبل استقبال هؤلاء المرضى إذا كان الحشيش هو المادة الكيمائية المحظورة التي يستعملها المريض وحتى إن كان هناك أكثر من دليل على أن المريض ينتمي إلى قائمة الأقلية من مستهلكي الحشيش المصابين بالإدمان فإن هذه الفرق تنصح الفريق الطبنفسي العام بعلاجه أو تحويله إلى جمعيات خيرية توفر جلسات تعليمية جمعية حول أضرار الحشيش وتجنبه وأحيانا علاج كلامي يركز على مشاكل وأزمات المريض.
يمكن تفسير هذا الموقف السلبي بشيوع استعمال الحشيش في جميع المجتمعات وبالتالي لا تقوى المؤسسات الطبنفسية على تبذير مواردها المادية على اضطراب يفتقر إلى الدليل العلمي القوي الذي يربطه باضطرابات نفسية جسيمة مثل الفصام والاكتئاب. الأضرار الصحية والاجتماعية لاستعمال الكحول وتدخين السجائر أشد هولا من الحشيش وكلاهما يسبب الإدمان ولم يتم تجريمهما قانونيا في غالبية المجتمعات.
ولكن هناك حقيقة لا تقبل الجدال وهي أن الحشيش يؤثر سلبيا على الوظائف التنفيذية الجبهية للإنسان التي تتعلق بالتركيز والمرونة المعرفية والذاكرة العملية والاندفاع. استعمال الحشيش يؤثر سلبيا على أداء الإنسان الوظيفي2 وحتى على قابليته لسياقة السيارة وإن كان هذا التأثير أقل درجة من استعمال الكحول. هذه الملاحظة في غاية الأهمية عند الحديث عن قيادة السيارة ويعاقب عليها القانون في بعض الدول مثل استعمال الكحول وقيادة السيارة.
هناك متلازمة غياب التحفيز Amotivational Syndrome التي تتميز بضعف اندفاع الإنسان وعدم المبالاة بفعالياته الاجتماعية والمهنية والعائلية. هذه المتلازمة لا تحظى بقبول الجميع في الطب النفسي وإن كانت كثيرة الملاحظة في الاضطرابات العصبية النفسية الجسيمة الناتج عن جروح الدماغ.
تشريع استعمال الحشيش أو عدم تجريمه قد لا يؤدي بالضرورة إلى زيادة استعماله أو دفع البشر إلى استعمال مواد كيميائية مرتبطة بدون أدني شك بالإدمان وعالم الجريمة. انخفض عدد من يستعملون الحشيش في العشر سنوات الماضية في بريطانيا لعدة أسباب منها تعليم الطلاب في المدارس من عمر مبكر حول أضرار التدخين واستعمال المخدرات رغم عدم مبالاة رجال الأمن بمطاردة من يمتلك أو يوزع الحشيش ولكن مقابل ذلك هناك استعمال الرافعات القانونية الترفيهي الذي بدأ نجمها بالصعود تدريجياً.
استعمال الحشيش لا فائدة منه للإنسان وكذلك الحال مع التدخين والكحول. لكن الطريق لمكافحة استعمال الحشيش لا يتم عن طريق تجريم من يستعمله وإنما عن طريق توعية الجماهير وتعليم الطلبة في المدارس من عمر مبكر. الأهم من ذلك هو الانتباه إلى مشاكل الجيل الجديد والضغوط الاقتصادية والفكرية والاجتماعية التي تعصف بهم وفشل الدولة في تلبية احتياجاتهم الناقصة. دون ذلك لا يوجد سوى باب واحد يمكن قصده يوفر لهم مواد كيمائية تساعدهم على تحمل المعاناة التي لا نهاية لها وربما الحشيش أكثر رأفة بهم من بقية عقاقير الإدمان ومن مجتمع لا يبالي بهم.
المصادر:
1- ArseneaultL, Cannon M, Witton J, Murray R (2004). Casual association between cannabis and psychosis: examination of the evidence. B j Psych 184: 110 -117.
2- Crean R, Crane N, Mason B (2011). An Evidence Based Review of Acute and Long-Term Effects of Cannabis Use on Executive Cognitive Functions. J Addict Med 5(1): 1 -8.
3- Power R, Verweij K, Zuhair M, Montgomery G, Henders A, Heath A, Madden P, Medland S, Wray N, Martin N (2014). Genetic Predisposition to Schizophreniaassociated with increased use of cannabis. Molecular Psychiatry 19: 1201– 1204.
واقرأ أيضاً:
على باب الله: أزمة حشيش / الإدمـان... نحـو استراتيجيــة اجتماعيــة جديــدة / الفهم الحالي للإدمان رؤية متحفظة / الإدمان بين الأطباء والعاملين في القطاع الطبي...!!!! / اقتربت قمة الأمم المتحدة لتقنين المخدرات.. مصر إلى أين؟