منذ صباي وكلوفيس مقصود اسم يتردد في وسائل الإعلام خصوصا عندما كان سفيرا للجامعة العربية في الأمم المتحدة، وقد وعيته من الذين يحملون راية العروبة ويعززون قيمتها وأهميتها ودورها في صناعة القوة العربية وحضارتها المتميزة. ومضيت أقرأ له العديد من المقالات التي تردني من مركز الحوار في واشنطن، وهي مقالات عروبية ذات نزعات تنويرية وتطلعات إنسانية، تقرأ أحوال العرب بمنظار العروبة بمعانيها الإنسانية المعرفية المعاصرة، فالعروبة منهج الصيرورة العربية الأقوى والأقدر.
ودارت الأيام والتقيته في تجمع للاحتفاء بأحد قادة الفكر والثقافة العرب، وقد ألقيت قصيدة عمودية بالمناسبة، وتجاذبنا أطراف الحديث، ووجدتني أمام رمز عروبي إنساني صادق الإيمان بضرورة تفعيل الإرادة العربية لصناعة الحاضر الأفضل والأجدر بأمة العرب.
فالعروبة في وعيه ورؤيته قيمة إنسانية حضارية وجوهر الكينونة العربية الأرقى، وبدونها تتداعى على الأمة الآفات والقوى والقدرات الافتراسية من كل حدب وصوب، وما يصيب الأمة في حاضرها سببه أنها أشاحت الطرف عن قيم العروبة ومناهجها التفاعلية الساطعة، الموحّدة لوجود الإنسان العربي في كل مكان.
ووجدته قامة إنسانية شامخة ثرية بالطاقات التعبيرية عن إرادة أمة يُراد خنقها وإدخالها في مراجل الإتلاف والتكرير الحضاري، للاستفادة من مشتقاتها الجوهرية التراثية، وتزويد محركات الزمن المعاصر بطاقاتها النادرة الأصيلة.
فعلّة العرب تكمن في إسقاطهم لنزعة التفاعل الوحدوي المشترك، وإمعانهم بالمسير في متاهات التناحر والتنافر، والسقوط في أحضان الآخرين الذين يحققون مصالحهم فيهم، وبترك العرب لمنهج العروبة والوحدة فأنهم عاشوا في حضيض الخسران الشديد.
وما غابت عن الرجل قضية فلسطين التي بقيت في نظرته القضية المركزية التي يتغافلها العرب، فينحدرون إلى قيعان التفاعلات المأساوية التي أضعفت أولويتها، ووضعتها في غياهب النسيان وعدم الإكتراث عالميا وعربيا.
تحية لآخر أعلام العروبة والوحدة والكلمة العروبية النقية الصافية المعطرة بعبق الإنسانية، والإرادة العربية المعاصرة الطامحة لصناعة أمة ذات وجود أصيل، ودعوانا له بالشفاء مما أصابه، فالأمة ما أحوجها للصوت العروبي الدافق.
وإنّ للعروبة فوارسها وللوحدة رموزها، وللإرادة العربية عناوينها وبراهينها المشرقة وإن اشتد الظلام!!
واقرأ أيضاً:
كتابات لكلوفيس مقصود / الموت السائد والحياة المنهزمة!! / التظاهر والتقاهر!! / الرأي رأيهم؟!!