تفكيرنا السياسي تتسيد عليه آلية التصفيق بيدٍ واحدة، فلا نتساءل لماذا نخن نملك يدين وساقين ودماغنا من نصفين ، ولا أظننا واجهنا أنفسنا بهذه الأسئلة لأننا ما تعلمنا السؤال.
ومن الملاحظ أن أنظمة الحكم العربية وعلى مدى ما يقرب من قرن كامل، مضت متوهمة بأنها تستطيع التصفيق بيدٍ واحدة أو أنها أُوهمت بذلك، لأنها لم تعتمد في قوتها وطاقات وجودها على الشعب، وإنما بمساندة قوى أخرى ذات مصالح كبيرة في البلاد.
ولازالت العديد من أنظمة الحكم تمضي على ذات المنوال، الذي يجهل مهارات التفاعل والتكامل والتواصل والحوار، وقدرات إستثمار الأفكار وتحقيق التطورات النابعة من أعماق الإنسان، وقوة الشعب الفكرية والعلمية والثقافية. وفي خضم ما جرى ويجري على الساحة العربية، فأن الميل للتصفيق بيد واحدة لا يزال فاعلا ومؤثرا في الحياة الجديدة.
وقد رأينا ذلك جليا في العديد من الحالات والتطورات، حيث الأطراف التي كان عليها أن تتفاعل وتتعاضد من أجل غاية وطنية واحدة، صارت تسعى إلى منهج التصفيق بيد واحدة، مما أدى إلى انهيار التوافقات وحرمان الوطن من تفاعلات أبنائه الإيجابية اللازمة لصناعة الحاضر والمستقبل.
فالمتغيرات التي حصلت لم تغير آليات التفكير العربي، وإنما غيرت الشكل وحافظت على المضمون، فتغير نظام الحكم وما تغيّر عقل الحكم، ولهذا فأن تغيير نظام الحكم لا يعني بالضرورة قيام نظام حكم أفضل، أو بناء نظام ديمقراطي، إذا لم يصاحب ذلك تغيير في الرؤى والتصورات وآليات التفكير.
وما حصل في بلداننا يعطي الأدلة الدامغة على أن تغيير شكل الحكم بأي الوسائل لا يعني بناء نظام ديمقراطي، إذا كان العقل الفاعل منفعل وتتسيد عليه أوهام وتصورات عقيمة بالية، ذات سلوكيات تتنافى والزمن المعاصر ولا تعرف الديمقراطية لا من بعيد أو قريب.
إنها عقلية التصفيق بيد واحدة. ولا يمكن للذي يجري في البلاد العربية كافة أن يؤدي إلى نهضة حضارية وإنتقالة نوعية ذات قيمة إنسانية وثقافية وعلمية، إذا لم تعي الأحزاب والفرق والجماعات أنها لا يمكنها أن تصفق بيد واحدة، ولابد لها أن تصفق بيدين أو أكثر، لكي يكون لها دور إيجابي نافع في مسيرة الصيرورة الجديدة.
فالتصفيق بيد واحدة، يعني العدوان والتلاحي والسلبية وإستنزاف الطاقات في نشاطات ومشاريع ضارة بالذات والموضوع. وتعني حرمان الإنسان من دوره الحقيقي وفرصته الإيجابية في البناء والتقدم.
فإلى متى تبقى أنظمة الحكم في بلداننا تصفّق بيدٍ واحدة؟!
فتعالوا معي لنصفق بأيادينا جميعا، لنصنع صوت وجودنا الصادق الصالح الناضج السامق المبين. فما أروع أن تشارك جميع الأيادي بالتصفيق للأخوة والمحبة والسعادة والبهجة الوطنية والإنسانية.
وعاشت الأيادي الساعية إلى مهرجان المودة والزهو والبهاء الحضاري المنير.
واقرأ أيضاً:
الصالح المشترك!! / العقل الوطني!! / تبعثر الإرادات!! / الوطن مذهبنا!!