العبث_بالعقل: الحلقة3
"قد تبدو بعض الأمور مقنعة، لكنها في حقيقتها مُقَنَّعة" يوسف مسلَّم.
بدأنا الحديث في هذه السلسلة عن اليقظه الذهنية وموادها المعرفية، وذكرنا أن محرفات الإدراك والمعرفة يمكن وصفها ضمن أربعة مباديء أساسية كما يلي:
1- مبدأ الرؤية في المرآة.
2- مبدأ الطائرة الورقية ومدار الصاروخ.
3- مبدأ محدودية العقل.
4- مبدأ الهروب للسجن.
وقمنا بالتوسع في المبدأ الاول، وهو مبدأ الرؤية في المرآة، وكنا قد قلنا أن الواجب بالمرآة أن تعكس الصورة الواقعية لما يظهر فيها، لكن الرؤية من خلال مرآة محدبة أو مقعرة ستجعل للواقع انكسارًا مشوه الجنبات والوسط، وذكرنا أشكال وأساليب التضليل التي يتعرض لها الناس والتي تصنف تحت المبدأ الأول سالف الذكر وهي:.
(١) أسلوب تزييف الثقة.
(٢) أسلوب ممر البديهيات.
(٣) أسلوب من التسويق للتلفيق.
(٤) أسلوب أثر الهالة وحضور الإعلاميين.
وسوف نقوم بزيادة التوضيح لأول أسلوب في أشكال وأساليب التضليل من خلال الرؤية بمرايا محدبة أو مقعرة وهو أسلوب تزييف الثقة، والذي وصفناه أنه أحد أساليب ما قد يصح فيه أيضاً تسمية "أنصاف الحقائق والمعلومات"، فنحن عادةً ما نثق بمصادر بعض المعلومات ونعتبرها مصادر موثوقة، فالطبيب مصدر المعلومات الطبية على سبيل المثال، والدين مصدر الفهم للحياة الدنيا ومدار العمل للحياة الآخرة، ومن ممارسات أسلوب تزييف الثقة في الأمرين السابقين، نرى في بعض المقالات بداية مضللة للناس مثل قول "يقول خبراء الصحة" أو "يقول خبراء الجمال" وهذه للآن النصف الأول من الموضوع ولكن في بعض الأحيان قد يتبع ذلك الكلام كلام آخر غير دقيق، ولأن القاريء أو المستمع سمع البداية الأولى فسوف يشعر فوراً بالثقة فيما سيتبعها غالباً، حتى لو كانت المعلومة غير موثقة، ولم يتم تحديد قائليها على سبيل التحديد، وكثيراً ما نرى ذلك في الدعايات الترويجية، أو في بعض معلومات صفحات facebook فالهدف من المقدمة أن تكون مثل الكريمة اللذيذة الشكل لتقتنع بقالب حلوى على الأغلب مغشوش، فهي من الحيل التي تنطلي حتى على بعض المتعلمين والمثقفين،
أما مثال المواضيع الدينية، وهو ما أصفه "صكوك الغفران والعذاب" ولا يخفى على أحد قصة صكوك الغفران، لكن ما نراه الآن من صكوك العذاب في facebook وأيضاً في whatsup بعض المنشورات التي يتم إرهاب الناس لنشرها، من مثل القول" الله يقطع يد اللي ما يكتب الله أكبر" أو صكوك الغفران من مثل قول "أرسلها لخمسة أشخاص وسيصلك خبر يفرح قلبك"، فإن تزييف الثقة هنا نراه في استغلال الناس وثقتهم بربهم ودينهم، بحيث يتم تزييف هذه الثقة من خلال تغليفها بصكوك الغفران والعذاب، لدفع الناس بالترهيب والترغيب الديني للتصرف ونشر منشورات أو صفحات أو مقولات أو أدعية، وغالباً تكون ذات محتوى غير دقيق ولا صحيح، وإلا فكيف يصح المحتوى لهذه المنشورات وأسلوب دفع الناس لنشرها غير صحيح وترهيبي، لذلك زاد انتشار الأدعية والأحكام الدينية الكاذبة من دافع ثقة الناس بأن أي موضوع في الدين أو عن الدين فهو صحيح فوقعوا فريسة أسلوب تزييف الثقة، وأسلوب تزييف الثقة يعكس حالة يمكن تسميتها أيضاً (حالة الصدق المختلط بالجهل) فصدق العاطفة الدينية مع الجهل في الدين يجعل البعض يصدق ما ليس من الدين، فهو لديه عاطفة صادقة تجعله يثق بكل ما يرده ويظنه من الدين لكن جهله قد يجعله يثق بما هو خطأ وغير صحيح، وقد يتبناه وينشره، فيضل ويضلل الآخرين.
ويتبع >>>>: العبث بالعقل: الحلقة5
واقرأ أيضاً:
ما هو الحزن؟ / ما هو فقدان الأمان؟ / صناعة الهدر