أعجبتني هذه التسمية، لأن معظم الكتابات السائدة يشملها هذا المصطلح الذي أطلقه أحد رواد الكلمة الأصيلة الصادقة.
فما نقرأه يُفصح عما فيها بوقاحة وعدوانية غير مسبوقة، ولا مثيل لهذه الكتابات في مجتمعات الدنيا التي تحترم الكلمة، وتقدّر دورها وقيمتها في بناء الحياة الإنسانية.
فما يُكتب مدفوع الثمن من جهات لها مصالحها وبرامجها ومشاريعها، وهذا هو الأكثر والأعم، والبعض يَكتب بمداد أقياح الدمامل النفسية والسلوكية التي تشير إلى نمطيات تصورية مريضة، وعاهات نفسية خطيرة لا تسمح لأصحابها التحرر من قبضتها ورؤية الحقيقة وفهم الأحداب بعقل سليم.
وقليلة كتابات الأقلام العفيفة الخالصة الساعية نحو الطيبة والمحبة والألفة، والتفاعلات الإنسانية الرحيمة الصالحة لحياة أفضل وأرقى. ويمكن تأكيد ما تقدم بإلقاء نظر سريعة على أي موقع أو صحيفة، وستخبرك العناوين بهذه الحالات، التي أسهمت في تدمير الواقع العربي والوطني في أرجاء بلاد العُرب أوطاني.
وشدة الويلات والتداعيات تتناسب طرديا مع عدد الأقلام الممولة، فكلما هيمنت، توالت النكبات على المجتمع وتفاقمت المشاكل والصراعات، ذلك أنها أقلام لا تخشى ربها ولا تشعر بأن الكلمة مسؤولية، وأنها قد تكون ذات تأثير خطير على الحياة.
ومن الواضح أن الأقلام العفيفة يتم محاربتها ومضايقتها ومحاصرتها وعدم ترويجها، وما يتم الترويج له هو الكلمة الخبيثة والأقلام المأجورة، التي تتوهم بأنها تكتب، وما هي إلا تكذب على نفسها ومجتمعها ومعتقدها، ولا تصدق إلا مع جيوبها والثمن المقبوض، والسعر المعروض لشرائها من قبل ذوي العاهات السلوكية والتطلعات الشريرة، التي لا يعنيها إلا محراب الكرسي الذي تتعبد فيه.
فهناك العديد من الأقلام التي يضع أصحابها لافتات على ظهورهم مكتوب عليها "أقلام للبيع، وكتابات للبيع"، وما أكثر المتهافتين على شراء هذه البضائع الفاسدة بأبحس الأثمان، وربما تدفع لهم الإغراءات والمحفزات الكفيلة بتعزيز عدوانيتهم، وإنبثاق سموم ما فيهم وأقياح دماملهم النفسية المحتقنة.
إن هذه الأقلام بائسة ومُحتقرة وستدوسها أقدام الأجيال، وسينكشف ضلالها وخداعها وأكاذيبها، وستنمحي من ذاكرة الأجيال حتى ولو نشرت آلاف الكتب، وتلقت إسناد الحكومات المعادية لذاتها وموضوعها، والتابعة لأسيادها، ذلك أن التأريخ حاكم عادل، وإرادة الحياة صادقة، وأن قدرات الدوران السرمدية، تطرد ماهوخبيث، ولن يبقى إلا الطيب النافع للناس. فليكتب الممولون ويتقيؤا ما فيهم من الخبائث والشرور، وإنهم ليمحقون أنفسهم بما يَسطرون!!
فهل سيرعوي ذوي الأقلام المتسولة، وهل سيستردون رشدهم ويعرفون مسؤولية الكلمة، ويتحررون من التضليل والخداع والنفاق والاستئجار المهين؟!!
واقرأ أيضاً:
سقوط الإمبراطوريات!! / الطعام والشراب والكتاب!! / إرادة جمال وأمّةٌ تُدال!! / غاب الدنيا!!