الأردن مؤتمر الأطباء النفسانيين العرب الدولي(14)2
في حوالي الثامنة مساء الخميس تحرك الباص بنا وقد حظيت بالجلوس وعلى يميني د. أحمد الهادي ذلك الزميل العزيز وواحد من الرواد في العلاج المعرفي السلوكي في السعودية والعالم العربي وهو صاحب موقع معرفي www.cbtarabia.com أول المواقع العربية في هذا المجال وأقواها حتى الآن... كنت جالسا عندما صعد الباص فدعوته للجلوس جانبي......
تسامرنا طويلا فحكيت له ما صار مع كتابنا الجديد عن الوسواس وكيف أعزه الله بأن تنشره وزارة الأوقاف الكويتية ضمن سلسلة روافد... وحكيت له عن رحلتي في مصر محاولا إكمال مشروع بين جامعة الزقازيق ممثلة في كلية الطب وبين وزارة الأوقاف تتكفل فيه الكلية بعقد دورات تثقيفية للأئمة عن مفاهيم الصحة النفسية والمرض النفسي وبدأناها بالحديث عن المرض الأكثر ملامسة لهم ولتباسا بين الفقهاء والأطباء وهو الوسواس القهري.. ثم كيف خزلتني وزارة الأوقاف المصرية غالبا بسبب اضطراب الأوضاع المصرية سنة 2012 وما تلاها وساعدتني المنطقة الأزهرية بالزقازيق يعني أردنا مشروعا لكل مصر فلم يسمح لنا إلا عبر الأزهر وفقط في الزقازيق... وتجدون شيئا عن هذا في مدونة سابقة على مجانين هي: ندوة عن الوسواس القهري للوعاظ بالشرقية.
حكى لي د. أحمد الهادي عن جهود مشابهة يقومون بها الآن من أجل محاولة توحيد ما يقال بين العلماء الحاليين ومقدمي الفتوى لمرضى الوسواس القهري وفهمت منه أن موعدا قريبا سيتم فيه الأمر بعد اجتماع بين الأطباء والفقهاء.... أخذنا بعد ذلك الحديث عن الأحوال في المملكة العربية السعودية وفي مصر واليمن وإيران، ثم سألته هل زرت البحر الميت قبلا... فأجابني: كثير... لا أذكر ماذا حدث.... فانقطع حديثنا وشردت..
تساءلت بيني وبين نفسي لماذا يصر منظمو المؤتمرات في الأردن على رحلة البحر الميت للعشاء؟ لا نرى إلا سوادا يقال له هذا البحر الميت وهناك تلك أضواء إسرائيل... وكل ما عدا ذلك فندق سياحي معتبر؟؟ أليس من حقنا رؤية هذا المكان بالنهار؟... بعض من سألتهم قال يبدو بسبب الحر والرطوبة العالية عند البحر الميت.... ولم تكن إجابة تشفي من السؤال.
وصلنا الفندق الذي نسيت اسمه والحقيقة أن أغلبها تشبه بعضها جدا خاصة في الأماكن السياحية البعيدة عن العمران... أخذت أسترجع هل هذا هو نفس الفندق الذي تعشيت فيه في أول مؤتمر أحضره بالأردن سنة 2008؟ حقيقة لم أستطع التذكر..... وصلنا إلى مكان العشاء المفتوح على شاطئ لا ترى منه بحرا إلا السواد... واخترت الجلوس على منضدة يجلس عليها أحمد الهادي وجلست معه وأكملنا سمرنا ووعدته بإرسال النسخة الأخيرة من الكتاب.
كان العشاء عاديا إلا الكنافة النابلسية التي لا تقاوم... وكانت جلستنا أقرب ما يكون من السور الذي يفصلنا عن أخدود كبير أسود في أدناه يوجد البحر الميت الذي لا نراه، ورغم ذلك وقفنا لنأخذ بعض الصور على شاطئه، وقفنا وظهرنا ظلام إلا من أضواء فلسطين المحتلة...، وأخذنا الصور... ويبدو أن أحدا لم يفكر في ذلك الوطن المسلوب خلفنا بل إن بعضنا قال تلك أضواء إسرائيل.... منذ عشرة أعوام لو كنا في نفس الموقف ظني أنه كان سيختلف الكلام وربما تختلف الخواطر التي تقال والتي لا تقال... من المؤكد اليوم أن شيئا في دواخلنا جميعا قد انكسر ونسأل الله جبره وإصلاحه.
صحبت د. لطفي الشربيني وهو سائح نشيط إلى جولة في المكان ونزلنا في الأخدود إلى بعض العمق وكنت أظن سأقترب وربما رأيت ماء.... لكن لم يكن الأمر كذلك فالبحر الميت هنا أبعد من أن تراه في الظلام... ومن يريد رؤيته لابد يأتي نهارا... تكلمنا عن أوضاعنا كمصريين وعن حالة الغموض المقلق التي يعيشها أغلبنا، ودعونا الله كثيرا، خاصة بعدما صلينا العشاء جماعة بعد رحلة طويلة في الفندق حتى وصلنا إلى مكان الصلاة أنا ود. لطفي ود. مدحت الصباحي.
رحلة العودة من البحر الميت إلى فندق ماريوت في عمان كان من نصيبي فيها الجلوس إلى الصاحب الهادئ الزميل العزيز د. خالد عبد المعز الأستاذ بطب قناة السويس، تحدثنا طويلا عن بحث كان قد أجراه عن الوسواس القهري والتدين، ثم عن كتابنا الجديد عن علاج الوسواس القهري وعن محاولاتي مع وزارة الأوقاف المصرية والتي باءت بالفشل مع سبق الإصرار والتعمد من قبل الوزارة التي يبدو موظفوها مهتمين بتجريف أدمغة الأئمة والدعاة بدلا من تعليمهم ما ينفع الناس، ثم تطرق الحوار إلى الحديث عن الأحوال في مصر وفجعتنا حين اشترينا الدينار الأردني بـ27 جنيه مصري في مطار عمان!....
ولم نكن نفهم في الاقتصاد لكن ما يحدث للاقتصاد المصري وبسرعة مذهلة شيء مخيف.... دعونا الله بالخير لمصر واتفقنا على عدم وجود أي داعي للشراء، خاصة في ظل هذه الأوضاع.... وصلنا أخيرا إلى الفندق وكان علي أن ألقي نظرة أخيرة على محاضرة الغد.
وبعدما عدنا إلى عمان لأبيت ليلتي الأخيرة في الماريوت كان علي أن أدبر كيف سأضع زيت الزيتون في الحقيبة التي ستصعد الطائرة؟ وهي بالأصل حقيبة ملابسي... يعني قوارير بلاستيكية مغلقة وملابس وأكياس زعتر.... كان لزاما أن أغلف زجاجات أو قوارير الزيت جيدا فلجأت عبر مرسال الفيسبوك إلى د. يوسف مسلم وأغاثني بأفضل مما تخيلت وطلبت... وقضيت نصف ساعة تقريبا في تفليف القوارير وتدبير الأماكن في الحقيبة... وبعدها توكلت على الله ونمت.
ويتبع >>>>>>: الأردن مؤتمر الأطباء النفسانيين العرب الدولي(14)4
واقرأ أيضًا:
مقص السعدني: لأنه غالٍ ثمين/ شكرا سوريا: مؤتمر مختلف / ثانية ألتقي سدادا .... جمعا في لندن