الدول صاحبة الإرادة والسيادة تكون ذات غيرة، أي تغار على وطنها ومواطنيها وحقوقها السيادية وحدودها الجغرافية وتصون ثرواتها، وتهب لنجدة أبنائها وتعزهم وترعاهم. والدول المجردة من كل ذلك تكون ساقطة الغيرة، فلا يهمها من أمر الوطن والمواطنين شيئا سوى ما يتعلق الأمر بمصالح المسؤولين فيها، والذين يتمتعون بفساد فاضح ونكران لقيمة المواطن وحقوقه.
فلا يعنيها إذا قُتل منهم العشرات أو المئات أو الآلاف، فلا يحسبون على أنهم بشر وإنما أرقام لا أكثر، ولهذا لا يحصل أي رد فعل في الدنيا على ما يتساقط فيها من الضحايا كل يوم، بل وما عادت باقي الدول تحسب أبناء الدول الساقطة الغيرة على أنهم من بني البشر، وتقتلهم بالمفرد والجملة ولا يرف لها طرف أو تشعر بالرأفة والألم أو تأنيب الضمير، وإنما تتشجع في قتل المزيد منهم وكأنهم صيد مباح.
وبسب فقدان الغيرة على ما يمت بصلة إليها تتحول إلى ميادين للصراعات الدولية، ومسرحا للقوى المتصارعة الساعية لتأمين مصالحها والهيمنة على غيرها، وبهذا تتحول هذه الدول إلى خراب ودمار ويعاني فيها المواطنون أشد العناء، ويقاسون من الويلات المتواكبة إلى ديارهم من كل حدب وصوب.
ويبدو أن القِوى المفترسة لبعض الدول تولي عليها مَن فقد غيرته، أو برمجته ليكون كالبشر الآلي الذي يمكنها أن تحركه عن قرب وعن بعد، وفقا لما تقتضيه مصالحها وتتطلبه برامجها، وتؤكده مساعيها نحو أهدافها وطموحاتها
ومن سوء حظ بعض المجتمعات أنها سُجِنَت في دول فقدت غيرتها، وتولى الأمر فيها الذين يعادون المواطنين ويستهدفون حاضرهم ومستقبلهم، وفي هذا جريمة ضد الإنسانية، وتدمير للقيم والأخلاق والضمير، وتأمين للفساد والجور والاضطهاد.
وما دامت بعض الدول بلا غيرة فإن الحياة فيها أشبه بالجحيم ولا يمكن للحق أن ينتصر، وللعدل أن يسود، وإنما هي دول مبنية على مفاهيم ومناهج العصابات بمسمياتها وتوصيفاتها، ولا يمكن لأمر أن يكون إلا بأمر رئيس العصابة، وهذا ما يجري حقا في دول بلا غيرة!!
والعجيب أن المجتمعات عندما تسقط أخلاقيا، تجعل الذين فقدوا غيرتهم أولياء أمرها والأوصياء على حاضرها ومستقبلها، وتلك معضلة انمحاقية فتاكة ومروعة، ستعصف بأجيالها وتلغيها!!
ومَن سقطت غيرته يفعل ما يشاء، دون مساءلةٍ أو حساب!!
واقرأ أيضاً:
الجاليات المسلمة والإسلام!! / العدل أساس الملك!! / مصر العربية الكبرياء!! / أمريكا وروسيا وأوربا وآسيا؟!!