أتحداكم إذا وجدتم جائعا أو متشردا في الصين، بحثت عن ذلك وحملت كاميرتي لكي ألتقط صورة لجائع أو متشرد فأعياني البحث، فعدت إلى صديقي الصيني وسألته عما أعياني، فضحك وقال: لا يوجد جائع ولا متشرد، فالتجارب علمتنا معنى الجوع والتشرد فوضعنا الأجوبة العملية التي تمنعهما.
قلت: كيف؟
قال: البحث العلمي، ذلك الرجل ويعني "ماو"، علمنا كيف نغير تفكيرنا ونبحث عن الحلول، وقد مررنا بتجارب قاسية جدا كما تعرف.
قلت: إنكم تفكرون بالحلول!!
ضحك صاحبي وقال: لا توجد مشكلة في الصين إلا وتجد لها حلا مناسبا فالحلول كثيرة ومتعددة!!
قلت: وفي مجتمعاتنا لدينا قدرات فائقة على توليد المشاكل، أما الحلول فأمرها بعيد، فنحن مشكلة أولاد مشكلة!!
مضى صديقي مبتسما وهو يقول: لا تقل ذلك، ما دام العقل يفكر فالحل ممكن!!
قلت: وهل أن العقول تعمل في بلادٍ تجهل حل أبسط المشاكل، ولا تعرف سوى أن تواجه المشكلة بمشكلة ذات أخوات!!
توقفنا عند هذا الحد، ومضينا نتحدث عن النقل، وكنت قد أخبرت صديقي عن انبهاري بالقطار الكهرومغناطيسي الذي أذهلتني سرعته قبل سنوات، وحينها حدثني عن القطار الفراغي، وكنت أحسبه نوعا من الهذيان، لكن الصين اليوم لديها قطارات فراغية وكأنها الطائرة، تنقلك بهدوء وسرعة إلى حيث تريد خلال أنفاق فارغة تمنع احتكاك الهواء بالحديد!!
هذه هي الصين التي فيها نظام لا رإسمالي، لا ديمقراطي، لا إسلامي، لا اشتراكي، إنه نظام صيني عقلاني أصيل، فيه من كل نظام ما يزيده قوة وقدرة على التحرك بإنسابية وتوافق متوائم مع التحديات والتطورات المتجددة في الحياة.
فالصين اليوم تُطعم الشعوب الأخرى، ومعظم مجتمعات الدنيا تعتمد عليها في حاجاتها، وهي القوة الاقتصادية المهيمنة على الكرة الأرضية، فأينما تحل أو ترحل لايمكنك الابتعاد عن المنتوجات الصينية، فالصين سيدة العالم بلا منازع، ولا يمكن لأية دولة في العالم أن تستغني عن الصين وتتنعم بحياة اقتصادية مريحة.
وتحضرني مزحة صديقي الصيني معي قبل عشرة سنوات، حينما كنت أشكو له ما يحصل في بلادنا، فقال : لماذا لا تؤجرونها للصين، وسترون كيف ستكون أحوالكم؟!!
وأدركت بعد عقد مرير، أننا لو أجّرنا البلاد للصين قبل عشرة سنوات، لكانت أحوالنا اليوم "فوك النخل"، فالعلة ليست في الأوطان وإنما في الإنسان الذي يعتقل العقل بأقبية البهتان!!
فلماذا لا نؤجر بلداننا للصين ما دمنا نتمتع بحَمق مبين، وكأننا من القاصرين؟!!
واقرأ أيضاً:
قرن الكذب الفتاك!! / دولة الشخص وشخص الدولة!! / انحدار الديمقراطية إلى حضيض الديكتاتورية!! / الصراعات وسائل نهب الثروات!!
التعليق: شكراً على ما قدمته