هذا الصباح تقول الأخبار، أن الحكومة الفلانية قد وضعت السَنة الماضية في ظهر المرآة، وأخذت تنظر إلى سلوكها بمرآة العام الجديد!!
فتحيرت من الخبر، لأننا أقوام نلطخ مرآة وجودنا بالآثام، ولا نمتلك طاقات نفسية وروحية وسلوكية لوضعها في ظهر المرآة، وإنما نبقى نحدق فيها جيلا بعد جيل، ونبني عليها ونطورها، ونجعلها رافدا لخيالنا الممعن في التحليق برموزها إلى فضاءات لا بشرية، ونصنع من أنفسنا عبيدا لأوهامنا المتعاظمة.
والأمثلة عديدة ومتكررة في مسيرتنا الطويلة، ويصعب أو يستحيل علينا مبارحة هذه النمطية السلوكية الجاثمة على صدورنا، والمُعطلة لتفكيرنا والحاجبة لرؤيتنا المتناغمة مع زمنها.
فنحن ننبش أطمار التأريخ ونأتي بأسلابه ونتمرغ بها ونعظّمها ونحوّل أصحابها إلى مخلوقات إلهية لا تمت إلى البشرية بصلة أو تفاعلية، وكأنهم لم يدفنوا في التراب، ولم تتحول عظامهم إلى رميم، وإنما هم أحياء فاعلون في حاضرنا ومستقبلنا ويقررون مصيرنا، ويتسببون في صناعة مشاكلنا وتحقيق نواكبنا الشنعاء.
وما يجري في واقعنا نسخة مشوهة لحالات منقرضة متصورة على أنها هكذا أو يجب أن تكون كذلك، وإلا فعلى الحياة أن تنتفي والزمن يتوقف، والجحيم يتأجج.
وفي هذا السلوك السلبي التراكمي تكمن نظرتنا المشوّهة لما يرتبط بوجودنا، وهويتنا الإنسانية وقيمتنا الحضارية والتأريخية.
فكأننا مجتمعات المرايا المشروخة المشوهة التي تمنعنا من رؤية ملامحنا بوضوح وصدق وشفافية.
ووفقا لذلك تكون تصرفاتنا وتفاعلاتنا اليومية المؤججة بوقود أصحاب المصالح والغايات المتنوعة، مما يؤدي إلى تداعيات خطيرة وويلات مريرة.
فهل سنرعوي وننطلق من الآن إلى الغد، ونتحرر من سلطة كان، وقيمومة مضى وما انقضى؟!!
علينا أن نتساءل ونبصر بعيون العقل، ونتعرف على بديهيات الأمور قبل أن نلفى كلَ تميمةٍ لا تنفع!!
واقرأ أيضاً:
دولة الشخص وشخص الدولة!! / انحدار الديمقراطية إلى حضيض الديكتاتورية!! / لا جائع ولا متشرد في الصين!! / أبوة الأخطار!!