العراق هو العمود الفقري العربي الذي اجتمع العرب على أن يحطّموه، وبخطوتهم هذه بركوا وأصبحوا يتوجعون في متاهات الانقراض، يتوسلون التطبيب من الآخرين الذين يمعنون بتبريكهم، وتدميرهم وتحويلهم إلى ضِياع متأسدة على بعضها، ومدربة على استخدام أسلحة غيرها لمقاتلة أبناء جلدتها، بعد أن يتم إشاعة التوصيفات والمُسميات التي تجيز القتل، وقد تم إقرانها بأبشع الأعمال والجرائم والآثام.
ومنذ أن تعاون العرب مع أعدائهم على تدمير العراق، فإن آفة الدمار أخذت تسري في ديارهم، حتى شملتهم أجمعين، ولن ينجوَ منهم أحد، ولن يكون مصيرهم أفضل من مصير العراق، الذي ذبحوه على صخرة سذاجتهم وتبعيتهم وخزيهم وعارهم المبين. فالذي يتعاون مع عدوه لقتل أخيه، سيقتله الذي تعاون معه، وفي التأريخ قصص وشواهد وأمثلة، وفي نهاية العرب بالأندلس أوجع العِبر التي لم يعتبر بها العرب.
فما أن تخرّب العراق، حتى سرت آفات التخريب في أرجاء بلاد العرب، فتساقطت الدول الواحدة بعد الأخرى، وتساوت في مصيرها مع العراق. وبعد ما جرى ويجري، لا يزال العرب بذات النمطية والآلية الاقترابية التي تأخذهم إلى جحيمات سقر، وأهوال الكدر، فما تعلموا ولا تفهموا، ولا فكروا بمخرج أو حل، وإنما جميعهم وبلا استثناء يعرف كيف يصب الزيت على النار، وكيف يستخدم واردات النفط لقتل العرب بالعرب.
وأكثر الأنظمة العربية تسعى بحماقاتها نحو توليد المشاكل وتحطيم الإرادات واعتقال الأجيال الصاعدة في سجون الحرمان والممنوعات، وأقبية السجون العلنية والسرية والحروب والمنازعات. وما فكر العرب بالبناء، وإنما الخراب ديدنهم، والشقاق مذهبهم، والتبعية دينهم.
وبهذا انمحق العراق، وفقد دوره الطليعي الريادي القوي المقتدر المُهاب العزيز الذي يذود به العرب عن كل خطب وكرب. تشرد أبناء العراق، ودخل المجتمع في تفاعلات سلبية، وأسهم العرب في توريط الناس ببعضهم، فتحول كل شيء إلى جحيم في بلاد العرب
فهل سيتمكن العرب من الخطو وعمودهم الفقري أصابته الكسور، فَشُلّتِ الأطراف، وأصبح نزيلا في ردهة الطوارئ الغابية الطباع والتطلعات؟!
واقرأ أيضاً:
الأصغرُ المتفاعلُ أكبرٌ متفائلُ!! / الإدراك الديمقراطي!! / لكل فضيحة واعظ أثيم!! / تحيا مصر وتبتْ يدا مَن يعاديها؟!!