لماذا لم تكتب عمّا جرى ويجري في الموصل؟!
لماذا لا تكتب عمّا جرى في سوريا؟!
لماذا لا تكتب عن هذا وذاك من الأحداث المتواكبة؟!
والجواب: وهل تنفع الكتابة؟!!
إن الواقع العربي يخضع لمعادلات إلهائية محسوبة الاستجابات والتفاعلات، ومدروسة النتائج والتمخضات، والعناصر المتفاعلة في طرف المعادلات الأيمن تسخّنها مراجل انفعالية فوّارة وشديدة الغليان، تساهم في تحقيق أفظع النتائج الانتقامية في الطرف الأيسر منها.
وهذه المعادلات تؤدي إلى الكتابات الانعكاسية، التي تطغى على وسائل الإعلام العربي في كل مكان، وما هي إلا للإلهاء والمشاغلة وتوفير الفرص الآمنة لتحقيق المآرب العدوانية والتدميرية، اللازمة للوصول إلى الأهداف المحسوبة بدقة متناهية ووفقا لجداول زمنية منضبطة.
فالأحداث الجارية في قِدر الشرق الأوسط الشديد الغليان والفوران، غايتها استنهاض العواطف السلبية وتحشيدها، لتكون متأهبة للتدمير الذاتي والموضوعي الفائق العدوان، والتي تدفع الأقلام للكتابات الانعكاسية السوداء، المعتقة في قوارير العواطف السيئة الصفراء، مما يلهب المواقف ويزيد القِدر غليانا وأزيزا، ويؤدي إلى مزيد من الضياع والخسران.
فعقِب كل حادثة تندلق الأحاديث الباهتة الخالية من التبصر والتعقل والإدراك البحثي العلمي المعرفي، وإنما هي انعكاسات في مرايا الانفعالات المتأججة الساعية للالتهاب، والداعية لمزيد من الأحطاب والانسجار بنفط الوعيد.
وبسبب الكتابات الانعكاسية وما تتسبب به من مؤازرات لعناصر المعادلات المتفاعلة، تتكرر الأحداث بنمطيات انفعالية متصاعدة، لتحقق أقصى درجات الاستنزاف والتعويق الوعيوي والعمه الفكري والعقائدي، الذي يُحشّد البشر في كينونات متمترسة بالعواطف الفتاكة، القابلة للانفجار الشامل المَحّاق، حتى ليتحوّل المجتمع إلى عصف مأكول، وهباء منثور.
ولهذا فإن انشغال الأقلام بالإملائيات الانعكاسية الآنية، الخالية من أنوار البصيرة الثاقبة والتقييم المعرفي الراجح الصالح للحياة، يساهم في التدمير المتراكم لمفردات الصيرورة والانطلاق، ويرهن المجتمعات في أصفاد الهلاك والإتلاف الشديد لما يمت بصلة إلى قوتها وعزتها وكرامتها وقدرتها على البقاء المجيد.
ومن هنا فإن الكتابات العاقلة الراشدة المثقفة هي المطلوبة، لكي يتم التعاون على إخماد النيران العاصفة في غابات النفوس والعقول والأرواح، والتي تمعن بالدخان الأسود الكثيف المانع للرؤية الواضحة والتقدير السليم.
فهل من قلم يكتب بمداد يتفكرون؟!!
واقرأ أيضاً:
العمود الفقري العربي المكسور؟!! / تحيا مصر وتبتْ يدا مَن يعاديها؟!! / قطرة حبر إرهابية!! / سياسة النار والماء!!