يبدو مفرحا أن يكون الكلام السائد في الجلسات عن هذين الفريقين، والتنافس والحوار والانفعال حولهما، ومن الذي سيفوز بالمباراة، وتجد الناس منشغلين بهما، وحبذا لو أن الحديث والانفعال يكون على مثل هذه الحالات، لأصبحنا بأحسن حال وأجمل مآل!!
قد يقول قائل ماذا تقول؟!!
والجواب إن خير الحوارات هي عن الرياضة والفن والطبيعة والجمال، أما غيرها من الحوارات فإنها لا تجلب إلا المشاعر السلبية، وتؤجج المطمورات النارية وتلهب جمرات النفوس الخبيثة، فليسكب الناس طاقاتهم الانفعالية في فضاءات المباراة بدلا من ميادين الصراعات البهتانية الغبية.
في العصور القديمة كانت الأنظمة الحضارية تقوم على إشغال الناس بالرياضات والمبارزات والعروض التي يمكن القول بأنها مسرحية أو تمثيلية، ولهذا بنيت المسارح والميادين، وفي الحضارة اليونانية يبدو الأمر واضحا وسائدا.
وهذا يعني أن الإنسان في الزمن القديم قد تعلم آليات تصريف الطاقات الانفعالية عند البشر، فأوجد النشاطات الرياضية المتنوعة والفعاليات الفنية، وابتكر الموسيقى والغناء والعديد من الرياضات الكفيلة بتفريغ البشر من الشحنات العاطفية والنيران الانفعالية، التي ربما تتسبب بحرائق تفاعلية دامية.
وفي مجتمعاتنا تغيب هذه المُفرّغات أو (موانع الصواعق الانفعالية)، فتجد الناس منشغلة بالأحاديث الإغضابية والموضوعات المتشنجة، التي تؤجج جمرات العداء والكراهية وتزرع البغضاء في النفوس، وتؤهلها لكي تكون ذات أهبة فائقة على الاشتعال، فتلهبها شرارة طائشة أو قاصدة.
ومجتمعاتنا بحاجة إلى إهتمامات رياضية وأدبية وفنية وترويحية، بدلا من زوابع المشادات أو المجادلات والكلام المقرف في موضوعات أكل الزمان عليها وشرب، وما عادت ذات قيمة ومعنى وقدرة على الحياة، فتدفع بالقائلين بها إلى أتون الموت والخياب.
ومن الملاحظ عند المجتمعات المتقدمة يكون الحديث في أغلبه عن المواضيع الرياضية، والكثيرون يبتعدون عن الكلام بالسياسة والدين، لأنها في العُرف السائد مواضيع تتسبب بالفرقة والشحناء، ولهذا يتجنبها الناس ويسهبون في تناول المواضيع الرياضية والأدبية، والتي تساهم في الألفة والشعور بالبهجة.
ويبدو أن من الأفضل لمجتمعاتنا التقليل أو الابتعاد عن الكلام بالمواضيع الدينية والسياسية والتأريخية، لأنها لا تجدي نفعا وتلحق الأضرار بالبنية الاجتماعية والروح الإئتلافية ما بين الناس، وعلى الجميع إعادة النظر بأنفسهم وتغيير أساليب الخطاب الذاتي والموضوعي، والانغماس بروح العمل والنشاط الجامع المانع للفرقة والشقاق، وأن يكون الهدف صناعة الحياة الأفضل والمستقبل الأرفل، ولكي نبني الحياة علينا أن نتجنب مقوضات أسسها ومُهدمات عمرانها وبنيانها.
فلنتحدث في الرياضة والفن والأدب ولنشيح الطرف عن موضوعات الدين والسياسة، فإنها جوهر البلاء والفناء الفاعل في ديار المجتمعات المنكوبة بما فيها من الثروات والقدرات.
فهل من إشاعة لحب الرياضة والمباراة ما بين الفرق العربية والأجنبية، ففي ذلك شفاء للنفوس المبتلاة بالويلات؟!!
واقرأ أيضاً:
القوة المتحدة!! / أعوامٌ وأجيالٌ!! / أمنا الأرض الشقية بنا!! / الوأد العقلي!!