العلاقة بين الذئاب والأغنام معروفة فهي تخافها وترتعب منها والذئاب تشم رائحتها وتسعى لافتراسها في ليالي الصيف والشتاء. وعواء الذئاب يخيف الأغنام ويجعلها ترتعش لكن الذئاب عندما تفوز بحضيرة أغنام تتفاعل معها بآليات افتراسية تفقدها الإحساس بالخوف بل إن العلاقة تتطور لتكون ذات أساليب استسلامية رضوخية منقطعة عن واقع التفاعل الدامي بين الطرفين.
فالذئاب تختار فريستها وتأكلها أمام القطيع وأفراده متجمدة في مكانها وقد تلهو بأعلافها وربما تتناطح وتتصارع بلا هوادة والذئاب تأكل وعندما تنام الذئاب تبدو الأغنام وكأنها تحرس مفترسيها وتؤمّن لهم النوم الهادئ لأن الخوف طاقة كهرومغناطيسية أصابت القطيع بالشلل والاستسلام للمصير المحتوم.
وتستيقظ الذئاب وتمضي في افتراسها وهكذا تتواصل العلاقة ما بين بضعة مفترسين وأعداد غفيرة من الفرائس المذعنة التابعة الخانعة.
وهذا ينطبق على الواقع البشري عندما يتحول البشر إلى قطيع ويولي عليه مفترس أثيم فتراه يمعن بالافتراس والقطيع خانع مبلس يهنأ بأكله حيا وتمزيقه إربا بأنياب المتوحشين الذين أمسكوا بزمام مصيره وتقرير حياته وخارطة أيامه المرسومة بالحاجات والعثرات. والعديد من المجتمعات تدور في فلك الطاعات والواجبات التي عليها أن تؤديها للمفترسين الأشداء الذين يتسلطون ويتحكمون ويصولون ويجورون كالذئاب المذؤوبة المسعورة بنشب المخالب وغرز الأنياب ببدن الذين أوقعتهم في شراك الافتراس.
ولا يُعرف لماذا يميل البشر إلى هذه المعادلة السلوكية ذات النتائج الدامية السوداء ولماذا يعززها ببشر من بينه لتتواصل التفاعلات الخسرانية والقهرية الكفيلة بتحطيم البشرية ومحق الإنسانية والنيل من القيم والمُثل والمعايير الحياتية المساهمة بديمومة صيروراتية.
فلماذا تحرس الأغنام ذئابها؟!!
ولماذا لا تسود ثقافة الاحتراس؟!!
واقرأ أيضاً:
الوأد العقلي!! / التراكمية الغائبة والتبعثر المستقيد!! / الخطاب الوطني المفقود والقول المنكود!! / التركيز على ما نكره يأتينا بما نكره!!