يدخل رمضان هذا العام علينا ونحن كما اعتاد منذ سنوات أن يلقانا، في أسوأ أحوالنا كمجتمعات وقيادات ومؤسسات ... بالأمس اكتشفت فجأة أن حكام العرب يزكون أنفسهم هنا وهناك بأن ترامب قال عنهم أو عن دورهم ! يعني عندما يهاجَم أي زعيم عربي يرد ضمن ما يرد لتحسين صورته أو دفع التهم عن نفسه أو بلده بأن ترامب قال عنا كذا أو كذا .... فكرت في مدونة أسميها هنيئا حكام العرب رضى ترامب من رضى الرب !
هكذا أحسست أن حالة من الرهان الأخير تدخل فيها دول وشعوب كلهم يستعدون للحرب إلى جانب ترامب ... وكأن ترامب رضي الله عنه يريد مصلحتهم..... وكأن لا تأثير لتصريحاته في إسرائيل .... ورغم أن الخديعة ظاهرة للعيان كـأن لا يراها حكام العرب، ورغم أن لا أحد يدري متى تبدأ ولا متى تنتهي الحروب ! فإنه لا خيار إلا الحرب أرضى الله عليكم ترامب..... وأخيرا لم أكتب شيئا من ذلك..... وكفانا في هذا الصوب.
في الصباح صحوت متأخرا لأني لم أنتبه إلى أني اخترت الساعة PM ..... صحوت في العاشرة والنصف وكان علي أن أزور والدتي يرحمها الله –وهذا ثالث رمضان نبلغه بدونها- وبعدها مررت بمستشفى الدار للأعصاب ... أخرجت مريضا عزيزا علي ليتسحر مع أسرته...
بعدها أغراني الشيطان وأخرجت سائقي من مسجد بجوار المستشفى لنصلي بمسجدي الذي اعتدت صلاة الجمعة فيه وهو مسجد المحافظة على القرآن الكريم بالزقازيق كنت قد صليت ركعتي تحية المسجد خلفه ثم نظرت إلى الإمام وقد ضايقتني طريقة إلقائه ممسكا بكتاب رقيق يقرأ الخطبة منه بالنظارتين..... لم يكن بيني وبين السائق أحد بعد قد جاء وأمامنا الخطيب والمسجد الصغير ... فوسوس الشيطان أو نفسي بأننا سندرك الصلاة هناك ... ثم كان ما كان وأدركت صلاة الجمعة آخر الركعة الأخيرة فصلينا الجمعة 4 ركعات... وصلاها جاري الأيمن ركعتين ... ومن الطريف أن حوارا دار بيني وبين السائق صباحا عن أنه سمع أن من لا يركع الركعة الأولى مع الإمام عليه أن يصلي 4 ركعات فأفهمته أن المقصود هو الركوع في الركعة الثانية.... !
وصلت العيادة في الزقازيق لأن كثيرين من مرضاي تحايلوا أن أجعل لقائنا قبل رمضان وحبذا لو الجمعة الأخيرة في شعبان ... كل عام وأنتم بخير... لكني في العيادة صدمت بالأنباء عن حادث المنيا المروع ... ما يناهز ثلاثين نفسا من الأخوة المصريين الأقباط ... أي إجرام هذا وأي تقصير ؟؟؟ ليس ممكنا تقبل هذا الذي يحدث وهو أكثر إيلاما ونحن على باب رمضان الفضيل والذي هو شهر حرام ! وليس ممكنا كذلك أن يكون ردنا مزيدا من الإخفاق في حل المشكلة الأسهل كثيرا من حل مشكلة الإرهاب العالمي .... الأمر فعلا يبدو كمن حضر عفريتا ويفشل حتى الآن في صرفه !
يتكرر استهداف الأقباط بوتيرة عالية ومتسارعة بشكل لم نعهده في مصر فقد كانت الأعمال الإجرامية التي تستهدف الأقباط تحدث كل سنتين أو أكثر لكن ما يحدث الآن لابد ينبه إلى خلل في التعامل مع الأوضاع بشكل عام وعلى تقصير أمني لا جدال فيه ... وفي المساء لفت نظري تفاعل الخواجة ترامب مع حادث المنيا وبدا كمن يقدم نفسه مدافعا عن أقباط مصر.. ولا أدري تفسيرا أكثر من أنه أراد أن يظهر بمظهر الصاحب "الجدع" كما نقول في مصر ... لكنها اتسعت منه قليلا ! ... حتى خلت أنه سيتولى حرب الإرهاب بنفسه في مصر!.
هذه الأسابيع أراجع صفحات مجانين القديمة مراجعا ارتباطاتها وحسن تحريرها ومحاولا توحيد التحرير قدر ما أستطيع وجعله أنسب للقراءة في المحمول ... أقابل كثيرا من النصوص وسلاسل الاستشارات التي تذكرني بما لم أتوقع يوما أن أنساه ولكن الواضح أني نسيته.
مشاهدة القنوات الفضائية المصرية الخاصة التي تجذب غالبية المصريين في رمضان تصيبني بالغثيان فأشعر أنها تحض على كل انحلال... وأرى فيها حتى الكوميديا التي أحبها مبتذلة رخيصة.... ناهيك عن الإعلانات الغزيرة بشكل مزعج.... هذا يجعلني مضطرا لمشاهدة القنوات المحترمة وهذه الأخيرة مع الأسف لا تذكر مصر بما يسر إلا ما ندر... ساءني بالأمس ما سمعته من قيام طائراتنا بضرب أهداف في ليبيا ... وتعجبت كيف نفعل هذا ونحن حتى الآن عاجزون عن السيطرة على الأوضاع داخل مصر.
هذه الأيام لابد أن تحتك بمن يمتحن امتحانات آخر السنة أو من يقوم بالمراقبة أو الخائف من الامتحان أو غير المكترث بالامتحان ... لكن الشيء المشترك هو أن الغش صفة سائدة في كل لجان الامتحان ... والمصريون كشعب يبدو أنهم لم يعودوا يرون في الغش ما يضير.. في المراكز والقرى يقوم الأهالي بتهريب الإجابات لأبنائهم داخل اللجان، وهنا وهناك تسمع عن من يبيع أسئلة مادة كذا أو كذا وتبلغ ثقته بما في يده أن يقول لك لن آخذ منك أجرا إلا بعد أن تخرج من الامتحان.... حتى كدت أقول أن حديث سيد الخلق عليه الصلاة والسلام (من غشنا فليس منا) عدله المصريون المعاصرون ليصبح (غشنا لتصبح أحدنا) أو بالعامية المصرية (غِشنا هتبقى مننا) .... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مجانيني الأعزاء لا يبدو أن الهدوء يمكن أن يكون مما ينتظر في بلادنا على الأقل لعقد من الزمان أو يزيد ... ورغم ذلك لا يصح أن نيأس وعلينا أن نحاول من جديد.... فأنا كلما حاصرتني الظنون السيئة تذكرت رفيف الصباغ وهي تحيا في دمشق من قبل الثورة السورية وبعدها وما تزال مصرة على التفاؤل ... اللهم ارزقني والمجانين تفاؤلا كتفاؤل رفيف.
واقرأ أيضاً:
رمضان والحرب.......كل عام وأنتم بخير/ كيف نستفيد من رمضان/ على باب الله: رمضان حالة/ رمضان هل نعرف الله؟!!