"سنعمم تجربة العراق على المنطقة بأسرها"
هذه قراءة سلوكية مكثفة لما يدور في الواقع العربي والمصري.
عندما تم إسقاط الدولة في العراق وتفكيكها بالكامل، تعالت النداءات بخصوص بناء تجربة متميزة وتعميمها على جميع دول المنطقة، وقد تم إنشاء تجربة فريدة وغير مسبوقة في تأريخ العراق والمنطقة، ومع مضي الأعوام القاسية الدامية المدمرة، تبين أنها فعلا قد سُوِّقت بقدرات تسويقية معاصرة ومتطورة تحت عناوين ومُسميات متنوعة، انتشرت وطغت في ليبيا وسوريا واليمن وباقي الدول على القائمة وستأتي تباعا وحتما.
والمتابع لما جرى في العراق يعرف أن متواليات الأحداث كانت دامية وذات شحنات عاطفية عالية جد، تبلد العقول وتمنع الحكمة وتساهم في الاندفاع الهائج نحو الانتقام، حيث بدأت بالقتل العشوائي والخطف والتعذيب والاعتقال، والقيام بعمليات قتل فظيعة ومروعة تستثير العواطف وتلهب النفوس الأمّارة بالسوء وتشيع الخوف، مما يدفع إلى التكتل والتشظي والتمزق والتحفز البقائي الرامي إلى ردود أفعال انعكاسية شديدة النتائج والتداعيات.
وبعد أن تواصل التسعير العاطفي واللهيب الانفعالي توجت الحالة بنسف مرقدي الإمامين في سامراء، لتطلق الأجيج العدواني العاطفي الأعمى الذي أدى إلى إزهاق أرواح آلاف الأبرياء، وشاع القتل على الاسم والهوية وغيرها من المسميات الطائشة، فتمزق المجتمع وتترسن في فئات وتحزبات وعشائريات وقبليات ومناطقيات ومجاميع مسلحة هنا وهناك.
ويبدو أن مصر العربية الأبية مُستهدفة وبضغط هائل وقدرات متنامية، وربما يُراد تطبيق السيناريو العراقي في أراضي مصر العربية الأبية، فما حصل وسيحصل يتوازى ويتطابق مع ما جرى ويجري في العراق، وهذا يعني أن الضربات ذات الشحنات العاطفية العالية ستتواصل لكي يغيب العقل وتنفلت العاطفة، وتبدأ مسيرة التمزيق المجتمعي والتكورات المعادية لبعضها البعض، وبهذا تتفكك الدولة وتتقسم البلاد، ويعيش المجتمع في دوامات ما أصاب العراق من الويلات والدمارات المُهينة.
أي أن مصر ربما مقبلة على مواجهات عنيفة ذات آليات تأججية لشحن التفاعل العاطفي السلبي، وإيقاد جحيمات السلوك الخسراني التدميري الفتاك. وما يدور في المنطقة يشير بوضوح أن المصدر واحد، والذين يشرفون على هذه التفاعلات التخريبية هم أنفسهم الذين فعلوها في العراق وعمموها على ليبيا وسوريا واليمن، والمطلوب مصريا وعربيا التلاحم المطلق والاعتصام بالوطن والوحدة الوطنية، وإعلاء قيمة المواطنة والدفاع عنها أمام هذه الصولات الهالوكية التتارية الطباع والتطلعات، والضرب بيد من حديد، وتقوية الجيش ووحدته وتمسكه بالقيم الوطنية العلي، والنأي به عن التفاعلات المرسومة بدوافع التمزيق والتفريق ما بين أبناء الوطن الواحد، فالتجارب التي أجريت في مختبر العراق، أعطت نتائج ونظريات جاهزة للتطبيق، ودروسا للافتراس السهل المريح.
وأملنا أن ينتصر الجيش والشعب المصري على وابل الهجمات التمزيقية، وعهدنا بمصر أنها القلعة التي تتحطم عندها جميع المؤامرات والهجمات، ولسوف تهزم أعداء مصر والعرب مثلما هزمت جيوش هولاكو وجرّعته كؤوس الهزائم والخذلان.
وعاشت مصر عصيةً على أعدائه، وتشامخت عاصمتها القاهرة للعدوان!!
وتحيا مصر حرة أبية عربية!!
واقرأ أيضاً:
الخطاب الوطني المفقود والقول المنكود!! / الأغنامُ تحرسُ ذئابا!! / التركيز على ما نكره يأتينا بما نكره!! / النفس والماء والنار؟!!