الكراهية مرض يصيب البشر، وكأي مرض فإنها تصيب النفس والعقل والروح، وتدفع بالمصاب بها إلى أن يكون ضحية سهلة لهذه العاطفة السلبية الهوجاء.
الكراهية موقف سلبي مضر بالحياة، وتجلب المصائب والويلات على الأمم والشعوب، وتؤدي إلى الحروب والصراعات الدامية ذات القدرة العالية على الدمار والخراب.
الكراهية نظرة سوداء إلى ما يرتبط بالحياة ويعبر عنها، ولا ترى إلا بعيونها المشوهة ما تستطيبه وتغفل الحقائق والضوء، وتبتعد عن النور والجمال والصفاء والنقاء.
الكراهية عدوان على الذات والآخرين، وامتهان للقيم والمعايير السامية والمثل والمناهج الإنسانية، التي بشرت بها السماء جميع أجيال الأرض البشرية.
الكراهية عقرب عمياء تسخّر طاقات الفرد لما يؤذيه ويؤثر في حياة غيره، ويصنع الأوجاع ويبني معالم الفناء والركون في وهاد الآهات.
الكراهية تمتلك الفرد ولا تسمح لأية خلية في جسمه، أو لنبضة في قلبه أن تعبّر عن نفسها من غير جرعة من سمها القتال، الذي يستعبد الفرد ويحوله إلى أداة طيعة لها.
وما أكثر ضحايا الكراهية والعدوان الناجم عنها، وما أكثر الذين استعبدتهم الكراهية وشلت قدراتهم على الحركة، ومنعتهم من الخروج من سجنها المقيت، وأصابتهم بعقولهم ونفوسهم وكل ما يمكن أن يصدر عنهم من قول وفعل وإشارة.
الكراهية مرض خطير وسرطان يصيب البشر ويمزق الحياة، ولا يساهم في التفاعل الطيب مع الأشياء.
الكراهية لا ترى إلا السوء، ولا يمكنها أن تنظر الخير والمحبة والسلام، بل إنها قوة سوداوية مشحونة بالأوهام والتصورات الضيقة، التي تمثلها وتعبر عنها أحسن تعبير.
الكراهية جنون سلوكي يحقق الفواجع الأرضية، ويجرد البشر المصاب به من عقله وروحه، ويخرجه من نوعه البشري، ويحوله إلى وحش يريد أكل الأحياء وشرب الدماء.
الكراهية عاطفة سقيمة حمراء لا تفهم المحبة، ولا تتصور أن هناك ألفة وأخوة ورجاء.
إنها مشاعر الموت وعاطفته، ومن أشرس العواطف التي تخطف البشر من إنسانيته وتجرده من معانيه وأخلاقه وقيمه النبيلة.
الكراهية مرض مثل مرض الكآبة الشديدة، التي تمتلك المريض وتدفعه إلى حقول الويلات، وتمنعه من رؤية الحقائق والتفاعل مع الأشياء كما هي، بل كما تتراءى له بعينه التي ترفض الحياة وترغب في الموت والبلاء.
الكراهية مرض نفسي خطير بحاجة إلى علاج، والبشر المصاب بهذا الداء الوبائي عليه أن يستيقظ من قبر مأساته، ويخرج إلى ضوء الحياة، ويحرر قلبه من زقوم الكراهية وسموم الأحقاد والبغضاء، وينير وجوده بالمحبة والألفة والأخوة والسلام.
المحبة التي تريدها السماء شفاءً لكل داء أصاب البشرية بسبب حقد الكراهية وعللهها وثقافاتها السوداء وفيروساتها التي تنتشر في كل مكان، والتي تصيب الملايين بالداء البغيض الذي يدفع بالبشر إلى الدمار والضياع والألم.
فهل من لقاح ضد الكراهية؟
المحبة هي العلاج الأول واللقاح الأول، ومن لم يأخذ جرعة محبة ورحمة، فعليه أن يجرب ذلك مرة واحدة فقط لكي يرى الحياة بعيون أخرى، ويحقق الألفة والسلام في أرض إخوانه البشر، الذين يعانون ويطمحون إلى السعادة والأمن والوئام.
فهل سيغسل المصابون بداء الكراهية قلوبهم بزلال المحبة والرجاء والأمل، في شهر رمضان الخير والألفة والرحمة والإيمان.
فالأديان محبة
والسماء محبة
والمذاهب محبة
والله محبة
وتبا للكراهية وثقافاتها وأمراضها التي أذاقت البشرية المصائب والشرور.
فهل سنشفى منها ونغادر كهوف البغضاء الظلماء، وننطلق في رياض المحبة اليانعة الخضراء، التي تسر القلوب وتضم البشر في أحضان الرحمة والألفة والسعادة والمسرات؟!
تساؤل علينا أن نجتهد بالجواب عليه، لا أن نجعل من هذا الشهر مناسبة لتبادل التهاني والتبريكات والواقع يرزخ تحت وطأة الويلات التي تؤججها جمرات الكراهية والأحقاد المتقدة بين أبناء الدين الواحد!!
فالدين العمل، ويجب أن يٌخبر القول عن العمل، لا أن يكون القول العمل!!
"فليحب بعضكم بعضا"
واقرأ أيضاً:
السيناريو العراقي والهدف المصري!! / النفس والماء والنار؟!! / جارك ثم جارك...!! / الشَعْبَوية!!