كلمة انتحار وانتحاري كثيرة التكرار في الإعلام هذه الأيام. ويستعمل مؤشر الانتحار لتقييم خدمات الصحة النفسية في العالم الغربي.
يتم تعريف الانتحار بأنه هو السلوك الذي يؤدي إلى وفاة الإنسان والناتج بصورة مباشرة أو غير مباشرة من عمل إيجابي أو سلبي للضحية نفسها الذي يعلم بأن سيقضي عليه. هذا التعريف الأزلي لم يتغير منذ أن وضعه عميد العلوم الاجتماعية الحديثة الفرنسي إميلدركهايم (١٨٥٨-١٩١٧). نشر كتابه عن الانتحار عام ١٨٩٧ وكان أول دراسة علمية للعوامل الاجتماعية وراء الانتحار.
يرتفع معدل الانتحار مع كوّن المنتحر ذكرا، أعزب، مطلق، أو أرمل. أما اجتماعياً فأكثر العوامل ملاحظةً هي البطالة، التوقف عن العمل، غياب الرعاية الاجتماعية، السجين، اللاجئ والمهاجر، وخلال ستة أشهر من حدث كان هو ضحيته.
الانتحار مصير ١٥٪ من المصابين بالاكتئاب الجسيم الرديد، ١٠٪ في الفصام، وأقل من ذلك في مختلف الاضطرابات النفسية. ترتفع نسبة الانتحار مع الأمراض الجسدية المزمنة وخاصة في الصرع. يفقد الإنسان الأمل والرغبة في الحياة. يخطط وينوي، ولا يحتاج إلا القليل من الاندفاع لتنفيذ خطته كي يتجاوز هذا الحاجز العقلي الذي يمنع الإنسان من تنفيذ حكم الإعدام بنفسه. من يحاول الانتحار مرة واحدة يتضاعف احتمال تكراره المحاولة ١٠٠ مرة.
تقع مسؤولية الإنسان الذي يهدد أصحابه بالانتحار على أولياء أمره وليس على الأصدقاء وهذه قاعدة تعمل بها جميع المجتمعات. ولي أمر الزوج زوجه وولي أمر غير المتزوج هو أحد أفراد عائلته، ومهما كانت الصداقة بين إنسان وآخر فيجب أن لا يتحمل الصديق المسؤولية. احتمال الانتحار في أَي إنسان يتحدث عنه أكثر بكثير من الذي لا يتحدث عنه وحتى وإن كان سليماً عقلياً وجسدياً.
الانتحار له ثلاثة مصادر:
١- الأفكار الانتحارية نفسها.
٢- وسائل الانتحار التي يفكر فيها.
٣- الفرص الموجودة للقيام بعملية الانتحار.
متى ما اجتمعت الأفكار مع الوسيلة والفرصة ارتفع احتمال قيام الإنسان بهذا الفعل ونجاحه.
الأفكار الانتحارية لا توجد بدون أفكار أخرى مثل:
١- التفكير بعدم القدرة على تحمل الألم النفسي أو الجسدي.
٢- عدم وجود خيارات أخرى لحل مشكلة ما.
٣- أفكار سلبية تتعلق بتقييم الإنسان لنفسه.
٤- الشعور بخيانة الآخرين له رغم عدم وجود الدليل.
٥- الانتحار لأجل من يحبني ويهتم بي.
٦- لا سبيل إلى التعبير عن مشاعري لمن أحب.
٧- الانتحار عقاب لمن خذلني.
٨- الانتحار هو الحل لمشاكل لا نهاية لها.
وغير ذلك من الأفكار. لذلك لابد من طرح السؤال لمن يصرح بأفكاره الانتحارية عن هذه الأفكار والطلب منه الحديث عن الأفكار الأخرى ومحاولة نقاشها. متى ما تم التركيز على الأفكار المصاحبة للأفكار الانتحارية ضعفت قوة الفكرة الانتحارية نفسها. يجب تذكير الإنسان الذي يفكر بالانتحار ويتحدث عن الاكتئاب بأنه لم يشعر باليأس في الماضي، ولم يفكر بالانتحار دوماً، ولا بد أولاً من البحث عن إشارة تقول الخروج من هذا الموقع الانتحاري.
بالطبع الأفكار أعلاه لها إطار خاص بها في كل إنسان فمنها وجدانية ومنها ذهانية، وهنا تأتي الحاجة للاستعانة بطبيب نفساني لتقييمها. لكن رغم ذلك فإن التركيز على الأفكار الأخرى يجب أن يتم سواء كان الإنسان مصاباً باضطراب نفسي جسيم أو لا.
بالإضافة إلى الأفكار الانتحارية وما يصاحبها، هناك أفكار تم تجميدها وعدم التفكير بها وهي أفكار إيجابية تتعلق بالمزايا الحسنة والقوية في الإنسان مثل تواصله مع الآخرين، حرصه على المستضعفين، وتفانيه في عمل الخير، احترامه لآراء المعارضين وهكذا. يحرص المعالج النفسي على وقف تجميد هذه الأفكار ودفع الإنسان إلى مراجعتها.
هذه نبذة موجزة حول التعامل مع من يتفوه بالتفكير بالانتحار وما يجب أن يتذكره الجميع:
١- التصريح عن أفكار انتحارية ليس هزاراً.
٢- يجب إعلام ذوي الأمر.
٣- لابد من مراجعة طبنفسية.
٤- لا توجد الأفكار الانتحارية لوحدها وإنما مع أفكار أخرى يجب التركيز عليها لكبت الرغبة الانتحارية.
واقرأ أيضًا:
تعتعة: المأزق الانتحاري، وأن تولد من جديد! / الانتحار والإلحاد والعنف.. ثلاثية مترابطة / المزاج الانتحاري ؟؟ اسمه مزاج اكتئابي / كره الذات وسيناريوهات الانتحار النتلقائية !