نحن البشر ضد البشر!!
نحن العرب ضد العرب!!
نحن المسلمون ضد المسلمين!!
فنحن ضد نحن!!
وهذه النَحنوية تتجسد بقوة وعدوانية سافرة في بلاد العُرب أوطاني، وتؤكدها الوقائع اليومية منذ ألفين وثلاثة وحتى اليوم، بأشكالها المخزية الدامية الفتاكة المدمرة.
وبسببها أصبح المواطنون ضد المواطنين، فالعراقيون ضد العراقيين، والسوريون ضد السوريين، واليمنيون ضد اليمنيين، والمصريون ضد المصريين، والليبيون ضد الليبيين، والخليجيون ضد الحليجيين، وهلم جرا.
أما عندما يتعلق الأمر بالمذاهب والأحزاب، فالمتحزبون ضد المتحزبين، والطائفيون ضد الطائفيين، والمذهبيون ضد المذهبين، والقبائليون ضد القبائليين، والعشائريون ضد العشائريين، والمناطقيون ضد المناطقيين.
وهكذا تمضي الأحوال من سيء إلى أسوأ، والطامعون يتفاعلون بقدرات افتراسية فائقة الغنائم والمعطيات، التي تؤمّن المصالح والمشاريع وتجعل الحياة ذات طعم انتصاري خلاق، وفقا لآليات المتواليات المتفاعلة بمناهج هندسية متضاعفة الخطوات ومتعاظمة المردودات.
فالعيب في "نحن" أيا كان نوعها واسمها ومدلولاتها، وهي التي ستقضي على نحن وتبيد مفردات الحياة وقدرات التفاعل الحضاري السليم، وستعيث فسادا في البلاد والعباد، لأن "نحن" يمكن تدجينها وتطويعها بسهولة لتحقيق المآرب المغرضة والتطلعات الفاهرة لإرادة الوطن والشعب، والمؤدية إلى صيرورات تنافرية وتفاعلات تدميرية ذات تراكمات إفنائية.
وقد لعبت النَحنوية دورها في صناعة الواقع الأليم المعفر بالخطايا والآثام على مر الأعوام الخائرات، خصوصا عندما يتم شحنها بالعدوانية والكراهية والنوازع البغضاوية، الكفيلة بالتبهيم والتسويغ الفظيع للويلات والتداعيات القاهرة لمعاني الحياة، والماحقة للقيم الإنسانية والمعايير الأخلاقية، والمؤزرة بالشرور وطاقات السوء المفلوتة السوداء.
إن النظر إلى عاهات "نحن" وأوبئتها وأمراضها الخبيثة والمزمنة، المتوطنة في ذاتها وموضوعها، إنما يساهم في وضع الأسس الصحيحة لبدايات ذات قيمة شفائية تسترد عافية المجتمعات، وتمنحها الأمل والقوة على الانطلاق في مسيرات واعدة للأجيال.
فهل من التحرر من عبودية نحن والإيمان بالعقل الرشيد؟!!
واقرأ أيضاً:
الفن المُنحَط والعنف المُشْتَد!! / الممحاة الحضارية!! / الشاشة مرآة واقع حزين!! / لا تصالح بين الدين والسياسة!!