تتكرر في الواقع العربي تساؤلات عما سيأتي بعد هذا الحادث وتلك الواقعة أو الحرب وغيرها من الويلات والنواكب العاتيات، العاصفات في أرضٍ فقدت هويتها وحطمت وعاءها الجامع الحافظ الضامن الآمن الأمين.
ماذا بعد؟!!
وكأن المتسائلين يتجاهلون أو يتغافلون أو يتقصدون بالغفلة والبقل المبين، ويحسبون أن ما يجري في المنطقة عبارة عن مراحل ومحطات فيها توقفات لالتقاط الأنفاس، ويحاولون إسدال الستائر على الواقع وتفاعلاته النارية الطباع والتوجهات.
فهل رأيتم نارا تخمد أمام أكداس من الأحطاب؟
هل سمعتم بنار تخمد وتشب في مناطق شديدة الاشتعال، والبنزين ينسكب عليها من جميع الجهات؟!
إن النار أيها المتسائلون لن تخمد أبدا، ولن يتغير نهجها، إنما يتنامى أجيجها وتتعاظم خسائرها، ولن تنطفئي نيرانٌ وقودها الناس والنفط المتدفق من الأرض ليحيل مَن عليها إلى رماد وعصف مأكول.
فلا يوجد بعدَ في دوائر النيران المتأججة، العاصفة في الرؤوس والنفوس والقلوب والأرواح، والتي يديمها ألف معمم ومعمم وملتحي ومطرر الجبين ومرائي ودجال، ومضلل عقيدته البهتان والفساد والخراب والانتقام، والحقد والكراهية والظلم وسفك الدماء.
لن تهدأ النيران ما دام البشر قد داس على باء وجوده، وآمن بأنه من أباليس الشرور والعدوان، وأن عليه أن يأكل أخاه الإنسان لأن لونه لا يتطابق مع لونه الفتان، وأنه يملك ربا يغريه بالإجهاز على كل رب سواه، وإنسانٍ لا يدين بربه الوثن البشري الناطق بلسان الأفك والبهتان.
وما دام الدين هو العنوان، فإن جحيمات المصائب وسعيرات الويلات في ازدهار ونماء وأمان، وأن أرضا فيها بشر معفر بالجهل والتبعية والخنوع والخضوع والأمية، والعبودية لعمامة سقيمة ولحية أليمة وجبهة رجيمة، لن تعرف غير النيران الأجاجة والنواكب العجاجة، ولن يكون فيها صوت لرحمان رحيم، بل أن الذي يدوي في أرجائها صوت شيطان رجيم، تتبعه خلائق مغرر بها وتلقى في مهاوي سقر، ليفرح المبوقون المتعبدون في محراب المذلة والهوان، وهم يسبحون باسم سيدهم الذي به يأتمرون وبنعمته يتنعمون، وعلى أنغام أنين ويلات المقهورين يتراقصون ويشربون أنخاب سعادتهم البلهاء.
فلا بعد ولا قبل، وإنما دائرة نيران مفرغة، وسعيرات انفعالات متأججة، وعاتيات ويل ووعيد تعصف في أركان الوجود المعفر بالخطايا والآثام، المتوالدات الساعيات لتوريث أمهات الأحقاد والنواقم والكوارث والنوازل، القاهرات لمفردات الوجود البشري الصالح المرام والواعد بأمن وأمان.
تلك حقائق وجيع نازف وصراع خسراني قاصف، يقصم ظهر وجود أمة ويصيبها بالكساح الحضاري المهين، ويستدعي أمم الأرض إلى سحلها وردمها في وادي عدم.
فهل أن لبعدٍ بُدُّ؟!!
وما أدراك ما بعدَ؟!!
واقرأ أيضاً:
نحن ونحن!! / لا تصالح بين الدين والسياسة!! / القِوى تريد صراعا!! / أهدافنا المُغيبة وأهدافهم المُطيّبة!!