بينما كنت تائه المشاعر أمام شاشة الجزيرة ... مساء الخميس فما بين الحزن والاستغراب لما يحدث للناس في قطر وكل منسوب لها في أي أرض كان من دول المقاطعة .... إلى الأسى لما يحدث في اليمن التعيس من أسفل البحر حيث يسيطر المال الإماراتي على الحكومة الضعيفة ويتحكم في مفاصلَ مهمةٍ حتى أنه أخضع قطعة من اليمن هي جزيرة سومطرة في المحيط الهندي لسيطرته... شعرت أنني في حالة اشمئزاز من وجهاء يُشترون وسيَادة تُبسطُ بالمال والاحتيال ... ولا أحد من الدول ذات الصوت العالي يطلق تحذيرا ينهى الإمارات عن احتلال أراضي الغير لا أمريكا ولا روسيا ولا أحد.... صاحب الصوت العالي نفسه أصبح يُشترى.. !!! وانتقلت بي الشاشة فجأة إلى حالة أخرى هي الخوف على السعودية والقلق الشديد فالسعودية تتعرض لقصف من الحوثيين في اليمن وطريقة نقل الخبر تظهر أن الصواريخ أصابت أهدافها وأن السعودية تخفي خسائرها... ثم عرضت أخبار عن تساؤلات متكررة من منظمات حقوق الإنسان مرة عن تجاوزات عاصفة الحزم في اليمن ومرة عن ولي العهد السابق .... تساءلت بيني وبين نفسي هل هذا معقول ؟ أهكذا يمكن أن يكون سلوك بلد الحرمين ؟ أم أن للجزيرة مآرب أخرى؟ خاصة وأنها تحت الحصار تبدو نشراتها الإخبارية وكأن أركانها أصبحت أولا تداعيات الحصار ثم فضائح الإمارات والسعودية ... ثم المعتاد من الأخبار عن الأمة المتقطعة المتقاطعة المنتحرة !
أخذت إلى الشجن الذي كنت أظنه كالمعتاد على القدس الشريف والمسجد الأقصى .... وغامرني إحساس بالقلق الأشد هذه المرة حين رأيت أن أغلب البلاد العربية لا يحرك ساكنا ولا يكاد يستطيع .. خطر لي خاطر آلمني ماذا لو أجهزت إسرائيل على المسجد في هذه اللحظة بالذات؟ لا أحد سيكون بمقدوره فعل أي شيء من تلك الشراذم العربية .... بدأ الخبر على الجزيرة باعتقال إسرائيل لـ 120 معتكفا في المسجد الأقصى، ثم تلاه تقرير عن الطوفان البشري الذي قام به الفلسطينيون من أهل الضفة لصلاة العصر في المسجد الأقصى ... تمنيت في تلك اللحظة لو كنت فلسطينيا فقد بدا الفلسطينيون أكفاء بالزود عن المسجد الأقصى، رابطوا فيه حتى نصروه، الفلسطينيون وحدهم كانوا لها وما نفعهم من رعيب العرب المُمزِّق إلا قليل لكنهم بإذن الله منتصرون ... دعوت الله أن ينصرهم ...
ثم وجدت دموعي سبّاقة ورحت أتذكر ... حيث في الجمعة الفائتة 21/7/2017 كنت في تونس وكان أحد أصدقائي التونسيين قد أرسل لي إعلانا عن وقفة لمساندة الأقصى في الساعة الثانية في شارع الحبيب بورقيبة .... تمنيت أن أشارك لكنني لم أكن أعرف أين سأكون أنا من شارع الحبيب بورقيبة في ذلك اليوم المشحون بالأنشطة والزيارات السياحية وكنت مرتبطا بمجموعة من الزملاء.... تمنيت ولم يكن لدي كثير أمل في الحصول على هذا الشرف ... خاصة وأن مثل هذه المسيرات لا نراها في مصر.... ولا أحد يتوقعها بالتأكيد فهمُّ مصر الأول والأخير والواحد والوحيد هو محاربة الإرهاب !
لكن الله عز وجل منَّ علي وغير مرشدنا السياحي المصري البرنامج فاتجهنا قبيل العصر إلى شارع الحبيب بورقيبة كما ما يزال الناس يسمونه ووجدت نفسي وأنا أرى جدران مسجد الزيتونة الذي صليت فيه الظهر قصرا ... ثم العصر ... وأمام الجدار كان ما خمنت أنه انتهاء الوقفة أو المسيرة ... فأنا لا أعرف المسرح البلدي ولا أدري إن كان قريبا من مسجد الزيتونة أم لا ... وعلى جدار من الجدران المحيطة بالمسجد العتيق من الخارج وضعت أعلام فلسطين الورقية الصغيرة ووقف الناس في حلقة وبينهم خطيب يحكي عن ممارسات إسرائيل التي أخذت شكلا بالغ الخطورة والفجاجة في الآونة الأخيرة...
وقفت مع الواقفين قليلا وطلبت من أحد الزملاء التقاط صورة لي علها تكون دليل إدانة في بعض الدول العربية يوما ما ... ففعاليات مساندة الأقصى في هذا الجو العربي القميء تصنف غربيا وعند فريق المعتدلين ضمن الفعاليات الداعمة للإرهاب ... ولا حول ولا قوة إلا بالله أنا أساند الأقصى وأساند من يسانده! وإذا كان هذا إرهابا فأنا لابد أساند هذا النوع من الإرهاب. بعدها صليت وبعض الزملاء ثم عدنا عبر شارع من شوارع السوق القديم إلى شارع الحبيب بورقيبة لنستكمل جولتنا في تونس الرائعة.
وأفقت على خبر في الجزيرة بدا غريبا في هذا الجو العربي الخانق هو إعلان الكويت أن إسرائيل هي العدو الأول ما تزال .... فتح الله عليكم أهل الكويت تحاولون تذكير العرب المنبطحين المتسابقين إلى نول شرف المشاركة في الحرب على الإرهاب بأن إسرائيل ما تزال هي العدو الأول وهي المثال الأول على الإرهاب .. وتلا الخبر خبر عن استنكار الأمم المتحدة لما تقوم به الإمارات في اليمن ويرقى إلى مستوى جرائم الحرب ... فقلت الحمد لله لا أظن للإمارات حصانة من القرارات الدولية مثل حصانة إسرائيل..... لكن من يعلم ؟؟ وهناك امتداد للأخيرة اسمه عربائيل! وإبداع التسمية للشاعر العربي أحمد مطر.... لكن من الممكن أن تكون الحصانة من تنفيذ القرارات الأممية والالتزام بالقوانين الدولية مرتبطة بكل ما في آخره "ئيل" من يدري.
يا ترى ماذا ستحمل هذه الجمعة من أخبار ؟ ماذا سيحدث في صلاة الجمعة في المسجد الأقصى؟ ... إذا شهد الخميس هذا الطوفان البشري من المصلين متجها إلى المسجد الأقصى في صلاة العصر فماذا نتوقع في صلاة الجمعة غدا ؟.... حتى الآن لا توجد أخبار لكنني غدا سأتابع وأسأل الله أن يؤيد بنصره أهلنا في القدس... ومرة أخرى ليتني كنت فلسطينيا أستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى لأنال هذا الشرف.
واقرأ أيضًا:
رمضان 1438 ورمضان 16 لمجانين / نعم غزة: الزيتون والغذاء مع الوزير / نعم غزة: الوقوف على معبر رفح