الحج تجمع وافتراق، ووقفة خشوع واعتبار، وإعادة تصنيع النفس والروح والعقل والسلوك، وهدم ذات معلولة وبناء ذات صالحة تتمتع بعافية روحية ونفسية وسلوكية. الحج تحرر من إرادة النفس الأمارة بالسوء، واستحضار للنفس السامية العلية الناطقة بلغة الإنسان السامقة السماوية الطباع، والعودة إلى أصل المخلوق وإدراك غايته، واتضاح خارطة رحلته فوق التراب.
الحج حالة يقظة وإشراق داخلي بعد نوم طويل، وتدثر بأغطية الرغبات والنزعات الأنانية والدونية، وهو إرادة صيرورة وكينونة خلاقة تختزن روح العطاء والتضحية، ونكران الذات وتعز الحياة وقيمة المخلوقات وما يتسامق فوق التراب.الحج صوت أعماق تلهج باسم بارئها، ونبض خوافق تبحث عن إيقاعات صوتها، وخاتمة مسيرتها ومعنى خطوها في عالم الغيوب والحجوب.
الحج معنى المعنى، وخلاصة المنتهى الإدراكي، وجوهر المعرفة الإيمانية ويقين الفحوى الكبرى، وينبوع البحث عن الحقيقة، والغوص في فضاءات الوعي العظيم. الحج دخولٌ في كون إلاّ، وإغراق في يمّ اقرأ، ودعوة للتعقل والتدبر، والارتقاء إلى مدارات تفكير متسعة مطلقة المعاني وخالصة الجوهر.
الحج تعبير عن أصل الخَلق وإرادة الجمع ما بين البدء والختام، وآية وضوح متجلية عن مقاييس الحلال والحرام، وكيف أن التراب هو الذي إليه يعود الخلق ومنه يبعثون. الحج أن يتحرر الناس من سطوة أبدانهم واستعباد نفوسهم، لتحقيق التمتع بهمسات أرواحهم ونقاوة أفكارهم، فهم يتطهرون من الخصال السيئة ويعززون الحميدة الرشيدة الطيبة
ولو فعل الحج فعله في الناس كما يجب ويتوجب، لتحولت أمة الإسلام إلى مجتمع يسود فيه العدل والرحمة والأمن والسلام، ولأصبحت الدنيا نرى مجتمع الدولة الفاضلة، التي تتوطن خيال الفلاسفة والمفكرين!!
نعم لتحقق في العالم الإسلامي نسبة معقولة ومتوافقة مع ما في البشر من مميزات المجتمع الفاضل المعطر بضوع الحج ووعي الدين القويم.
الحج في اللغة القصد إلى الشيء، وذلك الشيء هو النفحات الرحمانية والنسمات الإيمانية، التي عليها أن تضوع من روح وقلب ولسان وعيون المسلم، الذي يحج إلى الله بما أوتي من طاقة انتماء للسماء والحياة.
فهل أن الحج بوابة رقاء؟!!
واقرأ أيضاً:
إرادة ما فينا!! / التعرية والتورية!! / ريحٌ صَرْصَرْ !! / التشخصن الانفعالي!!