البشر بطبعه ميال للكراهية وحيّاد عن الحب، فما أسرع أن يكره وما أبطأ أن يحب، وما أسهل أن يكره وأصعب أن يحب. تلك طبائع النفوس، ويعجز ذوي الخبرة والألباب عن التفسير الصائب والتعلم من الدروس. إنها محنة خلقية تتدحرج فوق التراب وتزداد كثافة واختلاطا مع دوران الأرض، وما تأخذه من الشمس من حرارة أو نار.
فهل أن الكراهية طاقة خلقية سائدة ومتمكنة من الأحياء والموجودات الأخرى الساعية نحو مصيرها المحتوم. البعض اجتهد وفكر وتعمق ورأى أنها إرادة الموت أو سطوته وقوته ومناهجه، التي تحصد المخلوقات حصدا بوبائية تصارعية وتقاتلية شرسة لا تهدأ أبدا. والبعض الآخر يرى أن الكراهية سلوك يتعلمه المخلوق الذي يولد حرا من الكراهية، وربما حرا من الحب أيضا.
لكن الواقع السلوكي يشير إلى أن الكراهية ربما تكون طاقة كامنة في الموروثات الجينية، أي أنها طبع مسيطر على آليات السلوك وتدفع بالمخلوق للتفاعل المنطلق من بؤر الكراهية، التي تطلق شرارها وشرورها.
الكراهية طاقة ذاتية كامنة في المخلوقات تعززها الظروف الموضوعية، وتضغطها وتعتقها وتعفنها وتستولدها المآسي والويلات، والأحداث ذات القدرات العاطفية الشديدة الإقران والتقوية والامتهان، الذي يدفع بها إلى التعميم والترجيم والتحول إلى شيطان رجيم.
والكراهية عدوان على الذات وما حولها، وهي سَورة انفعالية ذات درجات من الشدة والعنفوان تتناسب مع أجيج النيران التي تنطبخ عليها. ووفقا لمنظومات التنازع الخلقي فإن الكراهية لا يمكنها أن تنتفي كما أن الحب لا يمكنه أن ينتهي، وتبقى إرادة التوازن تحكم بينهما بعدل أو بجور، يتواصل مع الحالات المكانية والزمانية ومزاج الأرض، وما يدور في غلافها من طاقات انفعال وأعاصير غضب وهيجان، ينجبه رحم الدوران.
فهل سيتمكن البشر من تهذيب ما فيه؟!
واقرأ أيضاً:
ريحٌ صَرْصَرْ !! / معنى الحج!! / التشخصن الانفعالي!! / حياتنا مرآة أفكارنا!!