القرن العشرون كان قرن الرصاصة والبندقية، أما القرن الحادي والعشرون، فإنه ربما سيودع هذه الطريقة البدائية لقتل البشر لأن العقل قد ابتكر ما يقتل بأسرع وأفظع وأكثر من الرصاصة. فهناك الأسلحة ذات التدمير الشامل، كالأسلحة الكيمياوية والبايولوجية والنووية والإشعاعية، وأسلحة الليزر دخلت في ميادين قتل البشر، وأسلحة الصوت التي تبعث ترددات عالية لا تسمعها الأذن لكنها تؤدي إلى الصمم والصدمة الدماغية، وهناك العديد من الأسلحة الفتاكة التي لا يُعلن عنها، وتبقى حكرا على مبتكريها للمساهمة بالقتل المروع للبشر.
بل أن البشر ذاته صار قنابل موقوتة بعد أن يتم برمجة دماغه وحشو بدنه بالمتفجرات الرهيبة الانفلاق والتدمير. ويبدو أن أسلحة الرصاص كالبنادق والمدافع أصبحت عديمة الصلاحية، ولابد من التخلص منها ببيعها للمجتمعات المتأخرة التي عليها أن تقضي على نفسها بنفسها، وذلك بإدامة الصراعات والحروب فيما بينها حتى الفناء الذاتي والموضوعي، وهذا السلوك يدب بشراسة في مجتمعات الويلات والتداعيات المتفاقمة.
أما المجتمعات القوية فإنها في فضاءات الأسلحة الجديدة، التي تمحق البشر بمئات الآلاف وبالملايين في رمشة عين، وبدون خسائر بشرية ومادية من الطرف المعتدي أو المهاجم. كما أن الأسلحة صارت تصل إلى أهدافها بطائرات وعربات وآلات يتم التحكم بها عن بعد، فهي قد تطير في بقاع الدنيا القصية ويتحكم بها مركز سيطرة على بعد آلاف الأميال، كما يحصل للمركبات الفضائية المنطلقة نحو الكواكب القصية.
وهذا يعني أن البشرية دخلت في مرحلة انتحارية آن أوان تنفيذ مشاريعها القاضية بإبادة الأمم والشعوب، والتحكم بمصير المجتمعات المرتهنة المخنعة المستضعفة، التي فقدت قدرات تأهيل نفسها وتقوية وجودها، واستلطفت الترنح في وديان الهلاك والضياع والتناحر المشين. ويعني أيضا أن الاستعباد قد تنامى وأن العديد من المجتمعات فقدت حريتها وسيادتها، وصارت توابع أو أدوات تأتمر بإرادة القوى المتحكمة بالوجود الأرضي.
وتلك محنة بشرية ربما استدعتها إرادة الأرض، التي ضجت بمخلوقاتها وسئمت مما اقترفه البشر على ظهرها!!
واقرأ أيضاً:
التأريخ ما بين عالمين!! / التفنكرية!! / المنشغلون بسعادتهم وتعاستهم!! / القوي لا يأكل القوي!!