إرادة الخالق تتكلم وإرادة الخلق تتلعثم، فالخالق لم يخلق خلقه عبثا، والأرض لم تتوطنها المخلوقات صدفة، وإرادة البقاء والتواصل هي العليا وإرادة الفناء هي السفلى. والصراع ما بين الإرادتين قائم، ويبدو أن البشر قد طغى وعتى وانفلتت قدراته الابتكارية والإبداعية حتى صار يتحدى قدرات الخالق، وأضحى مطلوق العنان يمارس شروره ورغباته السيئة بعنفوان غير مسبوق. وفي العالم ما يقرب من ألفي رأس نووي متأهب للانطلاق لتدمير أرض الخالق وخلقه، وهناك العديد من الطغاة يزأرون ويهددون ويريدون الانقضاض وتحقيق الدمار الهائل. فهل أن إرادة خلقه متأسدة وسائدة، أم أنه يمهل ولا يهمل؟!
الخالق يرمي ورميته ماحقة صاعقة ساحقة، ومؤكدة في قوم لوط وصالح وعاد وثمود وما قبلهم وما بعدهم من الأقوام إلى يوم الدين. ورميات الخالق ذات قدرات تدميرية ماحقة لكنه أرأف بعباده من رأفتهم على بعضهم، وعندما يبلغ السلوك البشري ذروة الشرور والسوء والبغضاء فإن رمية الخالق تتحقق، وتزهق إرادة العدوان الشرسة المختزنة في أعماق البشر المتجبر المتكبر المدّعي بالقوة والعظمة والهيمنة. وهذه معادلة مَرْوية ومسطورة عبر الأجيال، ذلك أن لإرادة المخلوقات حدود وخطوط لا يمكن تجاوزها، وإرادة الخالق مطلقة وقدرته قاهرة فائقة. إرادة الخالق تحداها الجبابرة والعتاة في كل زمان ومكان وحلت عليهم إرادته بقوة تتناسب وأوهام تحدياتهم، كما حصل لفرعون ولكل فرعون بعده وقبله.
إنها آيات وصور وحوادث متفاقمة لكن الخلق لا يتعظ، وتعميه الرغبات الجامحة الطافحة المنفلتة من أعماقه الظلماء بعد أن تحررت من الرادع وتوهمت بالقوة والجبروت. ويتناسى الخلق أنه من التراب ولا يمكنه التحرر من قبضته وجذبه وعودته إلى مبتدئه، فأبعاد الخلق ذات مسافات ووجود قائم متفاقم متورم منتفخ لحين، ثم يخوي فيأوي إلى تراب مكين.
فهل من وعيٍّ قويم؟!!
واقرأ أيضاً:
المُلاءمة الزمنية!! / الأقوياء والذين يجهلون / البطبطية!! / تدحرج القوى!!