سياسة التكريه بالعرب ليست جديدة وإنما هي قائمة منذ أن تمكن العرب من بسط جناحهم على قارات الأرض ونشر دينهم وحمل رسالتهم السماوية إلى العالمين. وهذه النزعة كانت إقليمية الطباع والقدرات على مر القرون، لكنها اكتسب أسلوبا عولميا في القرن الحادي والعشرين بعد أن تحقق التواصل عبر شبكات الإنترنت وصارت الأرض قرية تتصاغر كل يوم.
وسميت فيما مضى بما سميت به، وتصدى لها جهابذة الفكر العربي وأساطين المعارف العربية، كالجاحظ الذي حمل لواء الذود عن العرب والعروبة أمام الداعين للتكريه بما هو عربي. وما خمدت هذه الدعوات والنشاطات وإنما تواصلت وانتشرت، واليوم نراها تطغى على وسائل الإعلام في العديد من المجتمعات الأرضية، خصوصا عندما يتم إقران ذلك بسلوك الشر الذي يجتاح المجتمعات البشرية ويكلفها كثيرا من الاحترازات والإجراءات الاحتياطية اللازمة لتحقيق الأمان.
والجديد في الموضوع أن العديد من العرب قد تم برمجتهم لكراهية العرب وما يمت بصلة للعروبة، فنشأت طوابير من حملة الأقلام والدعاة والخطباء والمسؤولين والجالسين على كراسي التسلط على العرب، وجميعهم يشتركون في الترويج لكراهية العرب وما هو عربي، حتى صار القول بالعروبة أشبه بالنكتة، والحديث عن أمة العرب فكاهة، ويتم إقران ذلك بما هو سيئ ومشين ومنفر ومقزز، حتى ليكره العربي كونه عربيا، ويلعن اليوم الذي ولد فيه من أبوين عربيّين.
هذا توجه سائد ويقوده العرب أنفسهم من الذين تم برمجتهم وغسل أدمغتهم، وشحذ نفوسهم بالأفكار السيئة والتصورات المضللة، وبالشحن العاطفي الانفعالي والاحتقان الفئوي والطائفي، حتى أصبحوا يتفاعلون كالمنومين أو السكارى بخمور الأفكار المعادية للعرب والعروبة. فلا يمكنك أن تتفوه بعبارة تشيد بالعرب وإنما عليك أن ترجمهم كما تُرجم الشياطين، وأن تلعنهم وتلصق بهم أحط الصفات والتسميات، فلابد من ترسيخ سلوك كراهية العرب من الآخرين ومن العرب أنفسهم، حتى أن الملايين من العرب قد تناسوا عروبتهم ولغتهم وأصبحوا أقزاما لمن يكره العرب ويعزز العدوان على هويتهم، وهم يتفاخرون بهذا السلوك المقيت، وعندما تواجههم تجدهم بأقوالهم ينفعلون ويحسبون ذلك عدوانا عليهم فهم العرب الأقحاح، ولكن السلوك ينفي ذلك ويؤكد العدوان العرب والعروبة.
إن كراهية الإنسان لذاته وهويته وأصله من أخطر السلوكيات التي ستؤدي إلى الانقراض والوهن والإتلاف، والابتلاع من قبل الكارهين للعرب والمعادين لهم والمنتقمين من إنجازاتهم، التي مرغت رؤوسهم بوحل الهزائم والخسران.
فهل سيدرك العرب أن قوتهم في عروبتهم وعزتهم وكرامتهم وهيبتهم ومجدهم في إحياء أمة العرب، أم أنهم على هدى أعدائهم يتواصلون؟!!
واقرأ أيضاً:
مفيش سياسة!! / عندما تفقد مالك يضيع حالك؟!! / هل ما كان يكون؟!! / حيتان كبيرة وأسماك صغيرة!!