أمامي رسالة تحث على تركيز الطاقات والاستثمار الأمثل لها لتقديم الأفضل والأحسن والأرقى من الخدمات للمواطنين، وعلينا أن ننأى عمّا يبدد طاقاتنا الخدمية والإبداعية والإصلاحية الهادفة لتعزيز المصالح المشتركة، وتدعو إلى التفاعل الإيجابي بروحية الفريق الواحد، وتوفير البيئة الصالحة للعطاء الإنساني الأمثل، ولا مكان لعدم التحمل وعدم قبول الآخر، أو للسلوكيات السلبية المستنزفة للجهود والطاقات، ولا يمكن السماح لأي سلوك يضر بالآخرين، وبالعمل الذي يحتم علينا العناية الإنسانية ببعضنا، لكي نكون أقوى وأقدر.
هذه الرسالة تلخص الروحية المطلوبة للنجاج والتقدم والرقاء في ميادين الحياة كافة، على مستوى الفرد والعائلة والمحلة والمدينة والدائرة والمجتمع والوطن، والمؤسسة والحزب والمذهب والعقيدة والدين والجمعية والمدرسة والصف وفي الرياضة والتجارة والاقتصاد، إنها روحية القوة والقدرة على النماء والكينونة الصالحة للحاضر والمستقبل.
وفي هذه الرسالة ما ينقص المجتمعات المتأخرة المقهورة بكل ما فيها وما عليها، فهي البارعة بتبديد الطاقات والقدرات والثروات، والتحول إلى ميادين للإتلاف والخراب والخسران المتواصل الفتاك لذاتها وموضوعها، ولهذا تراها متمحنة في مراواحاتها الاستهلاكية لطاقات وجودها والمستنزفة لنسغ حياتها، فهي لا تتقدم وإنما تتقهقر وتمعن بالتدحرج المروع إلى ما أبعد من الوراء.
وواقعنا القائم في مجتمعاتنا فيه الكثير من مواطن تبديد الطاقات وهدر القدرات، وعلينا أن نشخصها ونداويها ونعالجها، لكي نتمكن من تركيز الطاقات بأنواعها وسكبها في نهران وجودنا الفياضة، التي تسعى لبعث الحياة وتنمية العطاء والنماء الخصيب. فالطاقات الفكرية والثقافية والإبداعية والبشرية والزراعية والحيوانية والنفطية والمائية والهوائية والشمسية، كلها مهدورة ومبددة في بلداننا، وذلك لانشغالنا عنها بموضوعات لا تنفع بل تحقق أضرارا جسيمة وتبني خنادق عقيمة، وتؤسس لإهدارات مقيمة وسقيمة، ولهذا فإن الوجود مصاب بفقر الدم الحضاري وبضيق التنفس المعاصر، ومحروم من أوكسجين الوجود القوي وممنوع من خوض المباريات الابتكارية الإبداعية المتسابقة نحو آفاق المطلق الرحيب.
فهل لدينا القدرة على تركيز الطاقات والاستثمار فيها بآليات نافعة ذات ربحية عالية؟!!
واقرأ أيضاً:
الأقوياء يأخذون ويأخذون!! / الجنس والكراسي!! / هل تغيرت العقلية لتعقل الحلول؟!! / تيار الدنيا وبُركة العرب!!