سيتظاهرون ويتصارخون ويلقون الخطب الرنانة والعبارات المدوية كالبراميل الفارغة، وسيحتشدون في الشوارع في مسيرات استنكارية احتجاجية، يشجبون فيها ما حصل وسيحصل، وبعدها يهدؤون وكأنهم أدّوا دورهم وقاموا بواجهم العظيم!! والحكام يطبخون الطبخات الشهية، باسم الوطنية والدين والقيم والمبادئ والشعارات الخلبية. فما ينجزونه كلمات رنانة وتصريحات فتانة، وهم لا يقدرون على فعل شيء فيه بعض عزة وكرامة، وغيرة وطنية وقيمة إنسانية.
فالحكام أسود على المواطنين، يذلونهم ويمتهنونهم ويقتلونهم ويشرّدونهم ويجوّعونهم، ويرهنونهم بالحاجات وبأنواع المذلات، بل ويرعبونهم وينشرون في ربوعهم الخوف وفقدان الأمان، ويخربون بيوتهم ومدنهم ويهجرونهم. وكلما واجههم تحدي مصيري، وفّروا الفرص الثمينة لأعداء الدين والعروبة لتحقيق مصالحهم، وما استثمروا في فرصة واحدة لصالحهم ولغدهم الأفضل. ولهذا فإن الصراعات الداخلية ستشتد، والتأزم الطائفي والتحزبي والقبلي والعشائري والعنصري في ذروته، لإبعاد الأنظار عن القضية الأساسية، وللتعبير عن سلوك المطية.
فالذي قرر ما قرر يدرك تماما أنهم أضعف من تحريك ساكن، وأنهم في مآزق التصارعات مع بعضهم، وقد جهّزهم بالسلاح اللازم لتحقيق أعلى درجات التدمير الذاتي والموضوعي. وهكذا فإن المنطقة أما أن تخنع وتركع وترضخ، أو يتم إغراقها بالدماء ودفنها بالخراب والدمار، فأهلها أصبحوا أدوات لتحقيق المصالح الغادرة.
ولهذا فإنهم يؤسسون لحالة تتلقى الصفعات من كل الجهات، وهي صاغرة متظلمة، تجيد اللطم اللذيذ وحسب!! فأين العروبة والعرب، وقد إشتدت النواكب، وعمّ الخَطَب؟!!
"وحين تطغى على الحرّان جمرته.....فالصمت أفضل ما يُطوى عليه فمُ"
واقرأ أيضاً:
القبضوية!! / بودقة الانصهار الوطني!! / مدن النفايات!! / العمامة والعقال في قتال!!