القانون المعمول به في الواقع العربي عنوانه, كلما أشتد التحدي ازداد التشظي. وهذا سلوك يتنافى مع بديهيات الصراع وضرورات البقاء, فحتى في الغاب عندما يتعرض أي قطيع لهجوم فإنه يتماسك ويتلاحم في المنازلة. أما العرب فإنهم بوجه التحديات يتفرقون, ومنذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين وحتى اليوم يمعنون بالفرقة والتصارع والخياب, حتى صارت بلدانهم على حافات التفتت والانقسام أمام التحديات التي تواجهها, خصوصا عندما تم تسخير الدين للقيام بالفعل المشين.
فالعرب واجههم التحدي الأكبر, فتفاعلوا معه بفرقة وشقاق وتعادي وعدوان على بعضهم وبتبعية لغيرهم, وحتى أصحاب القضية وأهلها تفرقوا وتحولوا إلى فريقين متصارعين على السلطة, وأمام التحدي الجديد ربما لن تحصل الوحدة الوطنية, وإنما سيصبح الفريقان أربعة فرق أو أكثر, فذلك ديدن العرب!! لا تستغربوا من هذا القول, لأنه القانون الفاعل في الوجود العربي منذ عقود عديدة ويزداد تفاعلا وتأثيرا. ولا يمكن للعرب أن يتلاحموا ويتآزروا ويعبّروا عن كونهم أمة واحدة, وشعب واحد صاحب إرادة واحدة ومصالح مشتركة ومصير واحد.
لا يمكن للعرب أن يفعلوا ذلك, والواقع المعاصر يبرهن بأنهم قد أمعنوا في العدوان على ذاتهم وموضوعهم, بل وأشركوا الطامعين فيهم بهذا السلوك الخسراني الانكساري التدميري المبيد. ووفقا لذلك ما أبقى العرب اي معنى وقيمة للقضية الأساسية وأنزلوها إلى حضيض الأولويات, بل وألغوا وجودها ومعناها, وصارت أولوياتهم التعادي والتناحر ومقاتلة بعضهم, فهم الأسود المتأسدة على أهلهم وذويهم وإخوانهم. وتلك حقيقة دامغة مخزية مهينة لا يريدون الإقرار بها, لأنهم يوفرون الأسباب والظروف الكفيلة باستخرادهم واستعبادهم.
ويبقى الجواب الشافي الوافي على جميع التحديات, بالتلاحم والاتحاد والعمل المشترك, وإن لم يقدر العرب على هذا السلوك, فكل ما يقومون به هراء, لأنهم يبدون ضعفاء, وبكل قسوة, مسخرة ومضحكة في نظر الآخرين من جميع الشعوب والأمم, فإلى متى في الغي يعمهون, وكأنهم نيام لا يستيقظون؟!!
واقرأ أيضاً:
مدن النفايات!! / العرب والعرب!! / العمامة والعقال في قتال!! / الدول النفطية ومصير الإفلاس!!