الضابط المتسامح : تأكيد الذات مشاركة10
الفصل السابع عشر
يقول ابن المولى القرشي:
ولا تطلبن عزا بذل عشيرة فإن الذليل من تذل عشائره
ومعناه: هو ألا تحاول إذلال قومك وجماعتك لتصل إلى المجد والعز فمن يهين قومه طلبا لعز ذاته هو الهين الوضيع.
يقول البعض "أَنا وحيد"... "أنا لَيْسَ لِي أصدقاء"... "أنا لا أَعْرفُ كَيفَ أَلتقي بالناس الجدد"... "أَلتقي أناساَ جدّدا، لَكننِّي لا أَستطيع أبدا التقرب إليهم".
هذا ما يقوله لي يوميا المرضى القلقين والمُكتَئبين من جمل تثير الشفقة؛ وتقطع نياط القلوب، وتدفعني دفعا عميقا إلى كتابة مثل هذا الفصل، هؤلاء المرضى –إن جاز لي التعميم- في أغلب الأحيان يُصدّقونَ أن حياتَهم الاجتماعيةَ غير موجودة، وأنهم مظلومون في هذه الحياة، رغم وجود العديد من الفرص أمامهم للدخول في مثل هذه العلاقات الجميلة المثمرة، وبالذات في أوقات الشدة، يقول المثل الإنجليزي: "إِذَا اتَّحَدَت الأشْيَاءُ الضَّعِيفَةُ أَصْبَحَتْ قَوِيَّةً".
توحي القصة التالية بأهمية الدعم الاجتماعي الذي يحتاجه الإنسان، وبالذات إذا كان الشخص يعيش وحيداً منفردا بعيدا عن الناس بدلا من أن يكون محاطا بمن يحب من أقرباء وأخوة وأصدقاء:
يتصل برجال الإطفاء ليؤنسوا وحدته
طوكيو: ذكرت مصادر صحفية أن رجلا يابانيا اعتقل لإجرائه 388 اتصالا هاتفيا برجال الإطفاء في الفترة ما بين مايو ويوليو من عام 2006، مشيرة إلى أنه فعل ذلك ليؤنسوا وحدته، ونقلت المصادر عن الرجل البالغ من العمر 58 عاما قوله "أعيش وحدي وكنت حزينًا، أحب خدمة الإطفاء والشرطة لذلك طلبتهم؛ كنت أريدهم أن يحضروا ويعتنوا بي"، وقال متحدث باسم الشرطة في مقاطعة "سايتاما" شمالي العاصمة طوكيو، "إن الرجل اعتقل بتهمة تعطيل خدمات الطوارئ"، مؤكدًا أن الرجل كان يتصل هاتفيا بمركز الإطفاء ويصيح "حريق.. حريق.. لقد أشعلت البنزين والكيروسين، وبعد واحدة من هذه الإنذارات الكاذبة في أوائل يوليو أرسلت خدمة الطوارئ المحلية عشر سيارات إطفاء، وعربة إسعاف، و35 رجل إطفاء إلى منزل الرجل!!!.
وحتى لا نكون –يوما ما- مثل ذلك الرجل المختل علينا أن نُكوِّن شبكة اجتماعية من الأشخاص المحيطين بنا، والقريبين منا، وكما قال ماسلو في نظريته عن الحاجات الإنسانية: أن الحاجة إلى الانتماء والحب تُعدان من الحاجات الرئيسية التي تأتي في مرتبة تالية مباشرة بعد إشباع حاجاتنا من الطعام والشراب والكساء والنوم والجنس.
يتبع >>>>>>>>>>> القطيعة الاجتماعية