الفصل السابع عشر
دعنا نفترض أن هناك قطيعة اجتماعية -لمجموعة من الأشخاص- قد بدأت من قبل سنوات الدراسة الابتدائية، وقد دفنت دَفناَ عميقاً في عقلهم الباطنِ، وقد يكون السبب هو حَادِثة أو حوادث قد وقعت أثناء سَنَوات ما قبل هذه المرحلة المبكرة من حياة هؤلاء الأشخاص، على كل حال، ومهما كان سبب تلك الأحاسيس بالعزلة الاجتماعية لدى هؤلاء البؤساء؛ فإن هؤلاء المرضى لديهم الكثير من المعاناة مِن جراء انعزالهم وعدم مشاركتهمِ في الحياة، وأَرى أن الحل ليس في تذكر الأشياء الجميلة في حياتنا لكن في أن نُساعدَهم على ضرورة الانضمام إلى شبكة اجتماعية مؤثرة في حياة هؤلاء التُعساء؛ لذا عليك أن تعمل مع الآخرين ومن خلالهم؛ فكل الأشياء العظيمة في العالم كانت من إنجاز جماعات لا شخصيات.
أتذكر هنا قول الإمام الشافعي في التعبير عن أحاسيسه عند حاجته لصديق وفي ينفعه وقت الشدة؛ هذه الرغبة التي ظل الإمام يطمح في تحققها، ولكنها لم تتحقق، مما جعله يشعر بالاغتراب رغم أنه مُحاط بالناس من حوله فيقول:
صديق ليس ينفع يوم بؤس قريب من عدو في القياس
وما يبقى الصديق بكل عصر ولا الإخوان إلا للتآسي
عمرت الدهر ملتمسا بجهدي أخا ثقة فألهاني التماسي
تنكرت البلاد ومن عليها كأن أناسها ليسوا بناس
وهنا علينا أن نُدرِك أن هؤلاء الأشخاص المحرومين من شبكة اجتماعية تدعمهم قد يَحتاجون إلى أنواعٍ مختلفة مِنْ العِلاقاتِ مَع الناسِ الآخرين، على كل حال، فإن النوع المناسب من الشبكةِ الاجتماعيةِ لأي شخص يَعتمدُ كثيراً على متطلباتِه الخاصةِ وأهدافِه؛ فما يناسبك مثلاً من الأصدقاء ويستهوونك كأصحاب وكأصدقاء قد لا يتناسبون مع توأمك الذي هو ابن بطن أمك وأبيك؛ يقول الله عز وجل:
{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فاعبدون}. (من سورة الأنبـياء، الآيتين 92، 93)
{ولا تَكُونُوا مِنَ الْـمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً، كُل حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}. (من سورة الروم ، الآيتين: 31، 32)
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِـيمًا فَاتَّبِعُوهُ، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِـيلِهِ، ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. (من سورة الأنعام، الآية 153)
{وَلاَ تَننَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}. (من سورة الأنفال، الآية 46)
ويقول صلى الله عليه وسلم:
«مَثَلُ الـمُؤْمِنِـينَ فِـي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ كمَثَلُ الْـجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سائِرُ الْـجَسَدِ بِالسَّهَرِ والـحُمَّى».
ويقول أيضا: «الـمُؤْمِنُ لِلْـمُؤْمِنِ كَالْبُنْـيانِ الْـمَرْصُوصِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً».
ومن جوامع الكلم لرسولنا الكريم مـحمَّد صلى الله عليه وسلم: «الـمَرْءُ كَثـيرٌ بِأَخِيهِ».
ومن جميل تشبيهه صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ، فَإِنَّما الذِّئْبَ يُصِيبُ مِنَ الغَنَمِ الشَّارِدَةَ».
يتبع >>>>>>>>>>> أهمية كونك اجتماعيا