إشكالية كبيرة يقع فيها الكثيرون، وأصبحت تطرح نفسها بوضوح فى الفترة الأخيرة وتفرض نفسها على موائد المناقشة خاصة بعد 25 يناير/2011، ألا وهى إشكالية الخلط بين المفهوم الليبرالي والإلحاد، وانتشار مفهوم أن الفكر الليبرالي فكر كافر وأن من يعتنقه يعتبر كافرا ومنحلا أخلاقيا .....
ولست أدري لمَ هذا الخلط ! وإن كنت على يقين أن هذا الخلط يوجد فقط في المجتمعات العربية حيث وجود التيارات الإسلامية المتشددة والتي تقوم بتكفير كل من يختلف معها فى الرأي وفي العقيدة، فليس بالضرورة كل ليبرالي كافر لأن الفكر الليبرالي فكر ينادي بالعدالة الاجتماعية والحرية والمساواة والديمقراطية واحترام عقائد الآخر وفكره، والحرية ليس معناها هنا الفوضى بل الحرية التي تخضع لعدالة القانون، ووقوع الخطأ مسؤولية مؤسسات القانون وليست مسؤولية أفراد....
والمشكلة ليست في الطبقات المتعلمة أو المثقفة لأن هؤلاء يستطيعون أن يقرأوا ويبحثوا حتى يتفهموا ولكن الكارثة تقع بسبب تأثير هؤلاء المتشددين على الطبقات الأمية الجاهلة وحتى على أنصاف المتعلمين والمثقفين الذين يتركون أنفسهم تابعين لتأثير أفكار متشددة متعصبة لبعض شيوخ يتاجرون بالدين من أجل مصالح سياسية ومادية ويحشدون جماهير لا يدركون شيئا عن مفهوم الليبرالية ولا يحاولون تفهم الحقائق ويصبحون كالقنابل الموقوتة في وجه كل من ينادي بحرية الفكر والعقيدة وحرية الاختيار والديمقراطية والمساواة .....
وللأسف هذه الكتلة المتشددة التي تنشر سمومها في كل مكان من خلال الخطب الدينية والبرامج الفضائية والإعلام الديني بكل أنواعه لا تضاهيها الكتلة الليبرالية التي تواجه بالهجوم والنقد في كل مكان ومساحتها قليلة جدا في الإعلام بالمقارنة بالكتلة المتشددة، بل أحيانا كثيرة تصادر كتبهم ومنشوراتهم الورقية !
فمن أين إذن تكون التوعية لهؤلاء البسطاء الذين ينجرفون حول خطب شيوخهم وأفكارهم الهدامة ! والأدهى من ذلك أن الإعلام المصري سواء الخاص أو الحكومي أصبح هو أيضا منجرفا وراء هذه الكتلة المتشددة وراكبا للموجة فنجد معظم برامجه تستضيف ضيوفها من هؤلاء المتشددين بل وتضعهم في دائرة الضوء وتنشر أفكارهم وتحشد روادهم بطرق غير مباشرة، وما أسهل أن يجلس المواطن البسيط في بيته على أريكته بعد يوم عمل متعب ويضغط على زر التليفزيون ليجد أحدهم يطالبه بالتصدي للكافر والملحد الليبرالي الذي يسعى لنشر الفساد في المجتمع لأنه يطالب بالحرية وكأن الحرية عندهم تساوي الفجور غافلين أنها نفس الحرية التي جعلتهم هم أنفسهم يقفون على منابرهم لينشروا أفكارهم المشوهة ـ التي تسيء لهم ولدينهم قبل غيرهم ـ حول تكفير الآخر وهدمه بل وإهدار دمه.
إنها بالفعل إشكالية لن تحل إلا بتكاتف أصحاب الفكر السوي المعتدل من كل الأطياف والتيارات والأديان.... دعونا لا نصنف هذا ليبرالي أو هذا علماني أو هذا مسلم متشدد أو هذا معتدل أو قبطي أو غير ذلك ..... فليست المسميات هي التي تخلق الأفكار السوية بل الأفكار والسلوكيات السوية هي التي تعطي الأسماء السليمة لكل فكر أو تيار ولا نكون عبيدا لمسميات تحمل صفات مشوشة شائعة غير صحيحة
ومشكلتنا ليست تصنيف اسم أو اعتناق مجرد اسم، مشكلتنا توحيد الأفكار السوية والعمل على نشرها فى كل المجالات وعلى كل المستويات ليعلم من لا يعلم أن الفكر الإنساني لابد وأن يحمل كل ما يتصف بالطبيعة الإنسانية من سماحة ومحبة وعدالة وحرية ومساواة وتسامح وعدل و قبول الآخر والاختلاف معه برقي بعيدا عن الهمجية والعنف في ظل قانون عادل ينطوي على المساواة بين كل أفراده..... أليست هذه هي أفكار ومبادئ من صميم الدين والإيمان الحقيقي وليست من الكفر أو الإلحاد في شيء
هذه هي مبادئ الليبرالية وأفكارها ! إذن المنطق يقول أن الليبرالية هي الإيمان الحقيقي وليست العكس.
* (الليبرالية هي الإيمان الحقيقي) -الحوار المتمدن نشر سنة 2011
واقرأ أيضًا:
التعايش مع الألم ... قوة أم ضعف ؟ / الصمت المباح / كتم أنفاس
التعليق: كلام تافه لأبعد الحدود، هل تظنين عندما تصفين هؤلاء المسلمين بالمتشددين مجرد أنهم ينشرون الدين الذي يعرفنا الغايه من وجودنا أنك هكذا مسلمة ؟ أين الإسلام ؟
يقول الله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وعلى الرغم من مناداة الغرب بالليبرالية والديمقراطية إلا أنهم يتصرفون ضد حريات الأفراد والشعوب في علاقاتهم الدولية والفكرية.
وما موقفهم من الكيان اليهودي في فلسطين، وموقفهم من قيام دول إسلامية تحكم بالشريعة، ومواقفهم من حقوق المسلمين إلا بعض الأدلة على كذب دعواهم،
تقولين لي ليبراليه ! انظري يا امرأة ما يحدث في الغرب من أغتصاب وقتل الأجنة والزنا والأطفال غير الشرعيين المشردين في الشارع، بل انظري كثره المنتحرين الذين لا يريدون الحياه لأنهم فقدوا الهدف الحقيقي للحياه وهي العباده، كفاك