مجتمعاتنا تتعرض لموجات أباطيل وأعاصير أضاليل، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم، وقد ترسخت في وعي الأجيال مصطلحات وثوابت أسست لآليات الرؤى والتصورات والتقديرات، وفقا لما يخدم المصالح ويؤمّن التطلعات والأهداف الظاهرة والخفية. وما يدور في الواقع العربي أنه مبرمج وفقا لتلك الأباطيل، التي يتم ترويجها وتعزيزها وتسويغها وإقرانها بأحداث ذات انفعالية عالية، لكي تحقق ثباتا أكبر وتأثيرا أقدر في سلوك الناس وتصوراتهم وتوجهاتهم، مما يُسهل التحكم بتقرير مصيرهم.
ومن الواضح أن مناهج التعليم في المدارس وكذلك أنظمة الحكم والدساتير قد تم وضعها من قبل الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى والثانية، لكي تكون متفقة وما تريده وتطمح إليه أن يكون في الواقع العربي الذي تعتبره من أملاكها المُشاعة والمطلقة، مهما توهم أهل البلاد وتطلع إليه العباد.
وفي زمننا المعاصر توفرت الفرص والوسائل الكفيلة بتكثيف الأباطيل وتجسيمها وترجمتها بعنفوان فريد، وتعميق دورها وأثرها في الحياة اليومية، مما أدى إلى رهن أبناء المجتمع بعضهم ببعض، واستنزاف طاقاتهم وقدراتهم وبناء المصدات اللازمة لمنع تقدمهم وتحقيق أحلامهم وأفكارهم المستقبلية. كما أن الأشخاص الذين يتصدون للأباطيل يتم مواجهتهم ومحاصرتهم ومحاربتهم، من قبل المموَلين والمأجورين المجندين لهذه الغايات المعادية للوجود الوطني والإنساني، فيكون ابن البلد الواحد ضد ابن بلده ومعاديا لأحلامه ومشاريعه الوطنية الخالصة.
لذلك نرى المجتمع في مآزق متراكمة وتداعيات متعاظمة، ولا بد من الاستيقاظ والتنبه والتحفز والتماسك والتعاضد، والاعتصام بثوابت وطنية إنسانية أخلاقية تضبط التفاعلات القائمة في المجتمع، ومن الضروري النظر في الأباطيل وتفنيدها بالحجة والدليل بعيدا عن مواطن الانفعال والعواطف السلبية، التي يُراد تأجيجها وصب الزيت على جمراتها، لتتعاظم نيرانها ويزداد اقتدارها على الاحراق، وتحويل الوجود إلى رماد ودخان كثيف يعمي الأبصار ويستدعي الأخطار.
فهل من إرادة تبطيل الأباطيل؟!!
واقرأ أيضاً:
العربية والقرآن! / الجسور والتفاعل النفسي!! / انبثاق الأمة بإرادة قطز!! / هل يوجد عقل؟!! / لكم إسلامكم ولي إسلام!! / الفساد عتاد!!